أثار تعليق على خبر أورده الناشط السياسي والكاتب الصحافي “عوض الله الصافي نواي” عن قرار قال إن مدير مكتب المهندس “إبراهيم محمود حامد” قد أبلغه به. فحوى القرار أن اللجنة السياسية لأبناء جبال النوبة داخل المؤتمر الوطني قد تم حلها وما عاد لها وجود في تنظيمات الحزب الحاكم.. قلت في تعليقي إن صح قرار الحل فإن المؤتمر الوطني قد أصاب كبد الحقيقة وبدـأ في مراجعة أخطاء الأمس، وقلت إن المؤتمر الوطني سبق له أن جعل للجنوبيين أمانة خاصة داخله.. ومكاتب خاصة بهم وحينما حل موعد الاستفتاء وجد (الدار خلا) وانفض منه حتى الإسلاميين الذين كانوا أيضاً يتمتعون بخصوصية تحت مسمى (هيئة مسلمي جنوب السودان). ولا ينبغي للمؤتمر الوطني إعادة أخطاء الأمس والخطاب هنا موجه في الأساس للمؤتمر الوطني الذي أنشأ اللجنة السياسية (للنوبة) وأنشأت الحركة الإسلامية فرعاً خاصاً بالنوبة. وفي تقديري هذا السلوك خاطئ ويعمق القبلية في حزب المؤتمر الوطني.. لأن الذي يعطي المؤتمر الوطني حق تكوين لجنة سياسية للنوبة لن يمنع الفور من تكوين لجنة سياسية خاصة بهم ولن يستكثر على الدناقلة أو الكبابيش تكوين لجان سياسية لتلك القبائل، ويصبح المؤتمر الوطني بذلك متحفاً للقبائل بدلاً من أن يكون وعاءاً تنصهر فيه القبلية.
الذين يحرفون القول عن موضعه ويحترفون تزييف الكلام والمتاجرة بالأكاذيب شأنهم في ذلك شأن الذين لا يتورعون في التجارة بأي شيء ومن أجل أي شيء هؤلاء قالوا (يوسف عبد المنان شبه النوبة بالجنوبيين) سبحان الله التشبه هنا حالة خصوصية لا تشبيه سلوك أو أي مذهب ذهب إليه هؤلاء!! ودعني أقول مالهم الجنوبيون؟ شرفاء كرماء أنقياء.. فيهم المسلم الراكع الساجد العابد وفيهم المسيحي الشريف النزيه وفيهم اللاديني.. مثلهم وكل البشر!!
نعود إلى مسألة التميز التي في وجهة نظري الخاصة خاطئة وتنتقص من قدر (المخصص له) أكثر من ميزة (المخصص). وأبناء جبال النوبة في المؤتمر الوطني وكل الأحزاب السودانية ليسوا في حاجة (لخصوصية) وهم اليوم في قيادة الدولة العليا والحزب.. بل البروفيسور “كبشور كوكو قمبيل” هو الرجل الثاني في حزب المؤتمر الوطني بعد رئيس الحزب “عمر البشير”.. والشورى التي يقودها “كبشور” هي أعلى جهاز تنظيمي في الحزب بعد المؤتمر العام .. ولم ينتخب بروفيسور “كبشور” من أعضاء حزب المؤتمر الوطني (تمثيلاً) للنوبة أو منطقة جبال النوبة ولكنه انتخب بكفاءة وتقدير القيادة لعطائه ولا ينظر لبروفيسور”خميس كجو كنده” كنوباوي.. ووزير التعليم العالي هو أهم وزير في الحكومة الاتحادية.. والآن يتولى “الطيب حسن بدوي” وزارة الثقافة المعنية بالتغيير.. والتعبير عن هوية السودان وثقافته تم تعيين “الطيب حسن بدوي” بتزكية من اللجنة السياسية لأبناء النوبة في المؤتمر الوطني، ولماذا لا يصبح “مركزو” رئيساً للسودان من خلال تقديمه كمرشح لمنصب الرئيس، هل الموقع كثير عليه أم هو لا يملك الثقة في نفسه إذا حلّ المهندس “إبراهيم محمود” تلك اللجنة، فتلك خطوة هامة نحو تصحيح المسار وإن لم يفعل ذلكم حتى الآن نطالبه بحل اللجنة وأي لجان قبلية.. ووقف أي أنشطة ذات طبيعة قبلية في حزب المؤتمر الوطني.. وحسناً فعل المهندس “آدم الفكي” في جنوب دارفور وهو يركل القبلية ويوصد أبواب مكتبه في وجه زعماء القبائل والعشائر ويرفض استقبال الناس على أساس قبلي.
تلك القضية التي حاول البعض الاصطياد في المياه العكرة والتحريض بالأكاذيب الفارغة والادعاءات الجوفاء، أثارت الغبار حول شائعات وأكاذيب تخرج من أفواه البعض ويسوقونها للعامة من الناس.. وما أكثر المستثمرين في القبلية والعنصرية التي أورت بلادنا المهالك، وإذا سمع المؤتمر الوطني لبعض منسوبيه بجعل الحزب متحفاً للقبلية فليستعد لتمزيق مرتقب لما تبقى من الوطن.