المعلومات التي أدلى بها السفير سوار للإعلام عن الأعداد المهولة للسودانيين المهاجرين يوميا، قد أثارت موجة من الجدل والتعليقات الساخرة، برغم التشكيك في دقتها، فالتصريح المنسوب للرجل يقول: “كشف الأمين العام لجهاز المغتربين عن زيادة كبيرة في أعداد طلب الهجرة، حيث بلغت تأشيرة الخروج من السودان خلال الثلاثة أيام الماضية أكثر من 12 ألف تأشيرة و 4500 جواز إلكتروني في الفترة ذاتها”. انتهى تصريح السيد السفير المثير للجدل، الذي خلف موجة من التعليقات الساخرة، فقد علق أحدهم قائلا “يعني ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺑﻄﻠﻌﻮﺍ نحو 200 أﻟﻒ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ نحو 3 ﻣﻠايين، وﻳﻌﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨوات آﺧﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻃﺎﻟﻊ ﻳﻄﻔﻲ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﻳﻘﻔﻞ ﺍلاﺑﻮﺍﺏ ﻭﻳﺨﺖ ﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ﻓﻲ ﻛﺒﺮﻱ ﺍﻟﻤﻚ ﻧﻤﺮ” !!
* وتكمن أزمة هذا التصريح في أنه من جهة غير دقيق، ومن جهة أخرى خذله الحس السياسي، فمن جهة الأعداد المهاجرة والتي تنوي الانضمام (لجماعة التفكير في الهجرة)، هي بلا شك غير قليلة، ولكنها على الأقل ليست بهذا الحجم المرعب الذي قال به سعادة السفير، ولا أعرف كيف فات على السيد الأمين العام لجهاز المغتربين العاملين بالخارج، أن هذا التوقيت يصادف عودة المغتربين من العطلة الصيفية، وأن هذا الكم الهائل من استخراج الجوازات هو بالأحرى استجابة لتعليمات إدارة الهجرة والجنسية، وربما توجيهات الجهاز نفسه، بأن على الجميع بما فيهم المغتربون أن يتحصلوا على جواز إلكتروني جديد، ولا أعرف، والحال هذه، إن كانت جوازات المغتربين الإلكترونية المستخرجة في هذه الأيام ضمن الرقم المشار إليه، أم أن الرجل السفير قد قام بعمليات خصم وإضافة قبل أن يخرج للإعلام بهذا التصريح الباهظ !!
* ومن جهة أخرى، فإن هذا التصريح المرعب قد خذله الحس السياسي، لكادر يفترض أنه قادم للوظيفة العامة من مطابخ الحزب، وقبل ذلك ترفده تجربة في العمل التنظيمي يفترض أنها تجعله يدرك كيف ومتى يصرح، لأن هذا التصريح يبدد الطمأنينة ويهدد السلم الاجتماعي ويثير الرعب في الداخل، كما له مردود سالب في الخارج على مستوى المستثمرين، كيف لهم أن يأتوا لبلد أهلها يفرون منها بهذه الكميات المهولة المرعبة !!
* على أن هذا التصريح يعيد إنتاج الأسئلة القديمة الجديدة عن ضرورة استمرارية هذا الجهاز من عدمها، فمن جهة أن هذه الخدمة الطويلة المختلف حولها، لم تجعله يستوعب حصافة الدبلوماسيين في التصريحات، وهم يتدارون خلف عبارات على شاكلة “أعتقد.. ربما.. لم يحن الوقت بعد.. لم تكتمل البيانات.. نعمل على و.. ” . ومن جهة أخرى، إن كان هذا الجهاز قد أصبح بثنائيتة المربكة خصما على وزارة الخارجية وعملها المهني القنصلي والدبلوماسي!!
* وهل كانت مصادفة.. أن يقوم السيد النائب الأول بزيارة غير معلنة لمقر الجهاز، ليقف بنفسه عن ارتباك العمل ومعانأة المغتربين وغربتهم داخل جهازهم !! فما الذي جعل معالي النائب الأول يضع جهاز المغتربين ضمن المؤسسات (الطشاش والطناش)، والتي تحتاج لمباغته وهي خارج الشبكة !!