هذا شكل من أشكال الصراعات الصغيرة والخبيثة التي تدور دائما في مؤسسات العمل والمكاتب الحكومية والوزارات الكبيرة، ويكون الصراع دائما في محاولة تقرب واقتراب من الشخصية القيادية – المدير، الرئيس، الوزير، رجل الأعمال، رئيس النادي، وهذه المحاولات يقوم بها أشخاص يبدو ظاهريا أنهم على درجة عالية من الأهمية والإمساك بأطراف الأشياء وتوجيهها كيفما يشاؤون، فإذا كان الواحد منهم يعمل في مؤسسة حكومية تجده يتحرك بشكل طاؤوسي إيهامي، مرتديا أزياء أنيقة وقد تكون غريبة وملفتة وسط حالة الفقر التي يعانيها الآخرون، يعد كل من يطلب شيئا بأنه قادر على إيصال طلبه، يتدخل في شؤون الآخرين بصورة مزعجة ومرعبة، بسبب معرفته لكل دقائق الأحداث، التي يجند لمعرفتها “جِريوات” صغيرة تسير على دربه الانتهازي.
الرجل الكلبي، يتمتع بذكاء غريب يجعله دائما على مقربة من المدير الجديد، فهو وبسرعة تحسده عليها أجهزة جمع المعلومات المتخصصة يتوصل إلى أكثر الأشياء التي تلفت اهتمام هذا المدير، كما يتوصل سريعا إلى التركيبة النفسية لكل شخص، لا سيما الرؤساء وبالتالي يحدد الطريقة التي من خلالها يخاطبهم بها أمام الآخرين وحين يكون منفردا بهم، وفي الأغلب الأعم يتبرع من تلقاء نفسه بنقل أخبار الموظفين ومدى التزامهم والتحذير من المخربين منهم ورصد مستوى الأداء العملي في كل قسم على حدة بشكل يجعله يبدو أمام المدير رجل الخبرات الأول بلا منازع.
حين يصطدم الرجل الكلبي بمدير نزيه جدا وضد النميمة ونقل الأخبار والونسات الجانبية الفارغة، فإنه يتحرك في مساحات أخرى تلفت المدير إليه رضي أم أبى، يستطلع -مثلا- عن أخبار أسرته، أولاده، زوجته، ويبدأ بالتقرب منهم رويدا رويدا ورمي اقتراحات لحل مشاكل سمع أنهم يواجهونها إلى أن يجد نفسه في منزلة المستشار الأسري وقد يرفَّع إلى صديق عائلي، يبدو خارجا ونازلا مع السيد المدير بما يحقق تلك الدرجة من الخطورة التي يصبو للظهور بها أمام الآخرين.
احذر الرجل الكلبي، فإنه على الدوام مسعور، ويعض كل من يظن أنه في الطريق لمنافسته في مهامه الكلبية.
هل ظلمت الكلب، ذلك الحيوان الوفي النبيل؟