عملت في أكثر من 12 صحيفة رياضية حتى تقلدت منصب رئيس تحرير (حبيب البلد)
* تشظي الصحافة الرياضية إلى أحمر وأزرق أضر كثيراً بالمشهد الكروي السوداني
*هذه هي قصة (الحرامي) الذي سرق هاتف زيدان إبراهيم…!!
*بدأت في تأليف كتاب عن حياة زيدان بعنوان (كنوز محبة)
*أتمنى طباعة مجموعتي القصصية (هل بكت تريزا أجمل مني) لو تيسرت الظروف
فجع الوسط الصحفي مساء أول أمس الأحد بوفاة الصحفي الرياضي المعروف داؤود مصطفى بعد صراع طويل مع المرض وكان الراحل ينوي السفر للقاهرة للعلاج، لكن إرادة المولى كانت أسرع، وكتب داؤود مصطفى على صفحته بالفيس بوك العبارة التالية مرفق معها صورة الأدوية التي وصفها له الطبيب: (عاودتنا من جديد متاعب القلب فحرمتنا من التواصل مع الأحباب وحجبتنا عن كتابة عمودنا الراتب فى قوون.. قابلت طبيبي الخاص أمس فكانت الحصيلة الأدوية المنشورة صورتها في هذا البوست.. عموماً الحالة الصحية أفضل الآن ولكن بعد أن تحولت معدتي إلى صيدلية بشرية تعج فيها كل صنوف وأنواع الأدوية.. دعواتكم لنا بالشفاء ولكل المرضى)،
وكنا قد أجرينا حواراً مطولاً مع الصحفي الرياضي الراحل الأستاذ داؤود مصطفى لنقلب بعض أوراقه الخاصة وذكرياته مع الراحل المقيم زيدان إبراهيم ننشره اليوم تخليداً لذكراه العطرة:
*من هو داؤود مصطفى؟
-صحافي.. أكتب في الرياضة والفن.. بدأت الصحافة عام 85 وكان مدخلي لها الأستاذ الراحل سيد أحمد خليفة تحديداً يوم 19 يناير 1985 حين حملت شهادتي الدراسية من كلية الدراسات الإضافية جامعة السودان ـ
وإتجهت صوب جريدة (صوت الأمة) فكان أن تعينت فيها كخطاط ومخرج صحافي ــ لم يكن التصميم بالكمبيوتر متاحاً في ذلك الوقت.
وبدأت في صوت الأمة مخرجاً صحافياً وكاتباً رياضياً.. ثم تنقلت بعدها لجريدة (الكورة) لصاحبها عدلان يوسف.. وهي مسيرة طويلة عملت بعدها في أكثر من 12صحيفة رياضية حتى تقلدت منصب رئيس تحرير (حبيب البلد) 2008 ــ 2012.
*ولماذا إتجهت للصحافة الرياضة؟
-إنتمائي للأزرق دفعني لأكتب عنه ولكن من غير تعصب.. ولعل الرياضة كانت مدخلي لأكتب في أكثر من مجال آخر.. الفن المنوعات ـ القصة القصيرة ولديّ مجموعة قصصية بعنوان: (هل بكت تريزا أجمل مني) أتمنى طباعتها لو تيسرت الظروف.
*كيف تنظر لواقع الصحافة الرياضية الآن؟
-واقع أسيف كحال الصحافة عموماً.. كونها لا تجد المناخ المناسب ولا البيئة الصالحة للعمل.. تصور أن في الخرطوم الآن أكثر من 37 صحيفة يومية ما بين رياضية وإجتماعية وسياسية وجل المطبوع منها لا يتجاوز سقف الـ 600 ألف نسخة والمباع منها في حدود 46% من المطبوع ـــ في تقديري تشظي الصحافة الرياضية إلى أحمر وأزرق ــ أضر كثيراً بالمشهدالكروي الذي باتت تتحكم فيه المكايدات والعنصريات البغيضة وكله بسبب ما يكتب من آراء متطرفة لا تمت للروح الرياضية بصلة.
*مستوى فريقي القمة محلياً وأفريقياً يثير عديد التساؤلات حول ووجود خلل إداري وفني خصوصاً مع فشل الصفقات الخارجية التي من المفترض أن تحسن من وضع الفريق؟
-المشكلة في أن إداريي القمة عندنا يعتقدون أن المال هو الذي يحقق البطولات والانتصارات ــ ليس هنالك تخطيط ولا برامج طويلة أو قصيرة المدى.. يلهثون وراء الانتصارات السريعة، ودونك ما يحدث الآن في نادي الهلال، رئيس النادي شطب الأعمدة الأساسية وإستقدم لاعبين من الخارج وطفق يصرح بأن فريق الكرة بنادي الهلال جاهز لحصد بطولة أفريقيا وفي تقديري أن الخطأ إداري في المقام الأول والأخير.
*ماهي الوصفة للخروج من هذا التخبط الكروي الذي يعيشه فريقا القمة؟
-ضرورة الإستفادة من التجارب السابقة ــ فالشاهد مثلاً أن الهلال كثيراً ما وصل للأدوار المتقدمة في بطولتي أفريقياــ وفي كل مرة يخفق فيها لا نجد ورشة أو دراسة لإستقصاء أسباب الفشل، بل يمضي الفريق في الموسم الذي يليه بذات الأخطاء والسلبيات.. والوصفة تكمن في الإستفادة من السلبيات ومعالجتها.
*تربطك علاقة صداقة مع الراحل زيدان إبراهيم حدثنا عنها؟
-هي علاقة بدأت منذ منتصف الثمانينيات، وكانت علاقة صحافي بفنان ثم تطورت لأن الراحل زيدان كان يجد في كتاباتي عنه كل الصدق، بالدرجة التي قال لي فيها ذات مرة عينتك ناطقاً رسمياً باسمي ولك الحق في أن ترد على كل خبر يرد عني وترى فيه عدم الصحة.
*هل كان زيدان رياضياً.. وما هو الفريق الذي كان يشجعه؟
-زيدان رياضي من الدرجة الأولى ــ ولعل لقب (القون) الذي التصق به نابع من ممارسته لكرة القدم بالعباسية التي شهدت ميلاده الفني.. وقد كان يمارس الكرة فيها مع أولاد العاتي وجكسا.. تشهد دار الرياضة بأم درمان أنه كان من روادها ـــ ولزيدان صداقات كبيرة مع مختلف ألوان الطيف الرياضي، ويكفي حضوره الدائم لمطبعة (دار الوعد) بوسط الخرطوم لصاحبها الكابتن محمود صالح وشقيقه حسن صالح سونا الذي كان من أكثر المقربين لزيدان ــ في دار الوعد ملتقى جامع لكل أهل الرياضة لاعبين وإداريين، وهناك تعرفت عليه أول مرة منتصف الثمانينيات ـــ زيدان كان يشجع المريخ ـ ولكنه لم يكن متعصباً في تشجيعه ــ ويحب الكرة الإنجليزية وكان متابعاً جيداً للبريمرليج ـ وكثيراً ما كان يناقشني في إحداثيات الكرة العالمية ومنافساتها الكبرى.
*هل تحدث بينكما مناكفات بسبب إختلافكما في الإنتماء الرياضي؟
-بالعكس ما كان يحب المناكفات في هلال مريخ ــ بل كثيرًا ما كان يقول: (هي وينا الكورة بتاعتنا عشان نعمل ليها زيطة وهوجة؟).. وكان حريصاً على أن تكون علاقته بكل أهل الرياضة متوازنة ــ ولعل صداقاته مع الهلالاب كانت أكبر رغم مريخيته.
*موقف طريف مررت به رفقة زيدان؟
-كثيرة هي المواقف الطريفة لزيدان وقد إشتهر بروح الدعابة والعبارة الطريفة الساخرة غير الجارحة وروى لي ذات مرة استقباله لمكالمة من أحدهم يطلب منه المساعدة لظروفه الأسرية القاهرة، فكان أن دعاه زيدان ليحضر إليه بمنزله بالشقلة ليعطيه المعلوم.. فجاء الرجل لمنزل زيدان الذي إستقبله بكل ترحاب وفي اللحظة التي ذهب ليحضر إليه البارد كان الزائر يسرق هاتف زيدان الجديد ويختفي عن الأنظار، زيدان روى لي القصة وهو يضحك قائلاً: أنا الممغصني أعزم الحرامي لي بيتي عشان يسرقني موبايل 8 قيقا.
*كيف كان تعامله الاجتماعي مع الأصدقاء وجيرانه بحي العباسية والشقلة؟
-كل العباسية كانت تعرف زيدان كبيرها على صغيرها.. فقد كان يتواصل مع كل سكانها الذين كانوا بمثابة أهله وأسرته.. ولهذا كانت العباسية تخرج عن بكرة أبيها يوم رحيله لوداعه الأخير وكذلك كان أهل الشقلة الذين جاورهم بالسكن بعد رحيله إليها، أهل العباسية وفاء لزيدان قاموا بتأسيس جمعية باسم العندليب وتقوم بنشاطات فنية واجتماعية كمواصلة للدور الإنساني الكبير الذي كان يقوم به زيدان في حياته.
*هل فكرت في تأليف كتاب عن حياة زيدان بما أنك صديقه المقرب؟
-قبيل وفاته بأكثر من عامين أطلعني الفقيد على جملة من الأسرار المتعلقة بحياته كفنان ــ وإتفقنا على نشرها في كتاب ــ وبدأت في تنفيذ المؤلف بعنوان (كنوز محبة) وأضفت إليه جملة من الحوارات التي أجريتها معه ـ بالمناسبة أنا أكثر صحافي أجرى حوارات وأحاديث فنية مع زيدان وهي تفوق العشرين حواراً مطولاً وأطمع في أن يكون كتاب زيدان جاهزاً قبل حلول ذكرى رحيله الرابعة والتي ستصادف سبتمتر من هذا العام.
*ما هي علاقة (الكفر بالوتر) فمعظم الفنانين كورنجية والعكس صحيح؟
-الفن إحساس وإيقاع ــ وكذلك كرة القدم والملاحظ أن الراقص الماهر هو بالتأكيد لاعب كرة ماهر ــ يعني الأشتر لا يمكن أن يكون فناناً ولا كورنجياً بحسبانه يعرض خارج الزمن.
*بحكم صداقتك مع فنان هل جربت الغناء؟
-صوتي لا يصلح للغناء.. ولكني أجيد العزف على آلة الجيتار منذ أن كنت في الطاشرات مع عمري ــ وعزفت مع فنانين وفرق موسيقية حقبة الثمانينيات ــ ومازلت حتى الآن أحتفظ بآلة الجيتار في بيتي وأستفيد كثيراً لتطوير مهاراتي في العزف من دروس الإنترنت؟
*الدجل والشعوذة في الرياضة موجودة في السودان آخرها ذبح المريخ لخروف داخل إستاده.. ما تعليقك؟
-يقال في الأمثال: (سيد الرايحة يفتش خشم البقرة).
*ماذا تود أن تقول في خاتمة هذا اللقاء؟
-شكري لك الحبيب نعمان وأنت تقدمني للقراء وأرجو أن أكون ضيفاً خفيفاً على قارئ جريدة (السياسي) التي ولدت بأسنانها لتشكل حضوراً متميزاً في
المشهد الصحافي.
حوار: نعمان غزالي- السياسي