لا يزال إعلان الحكومة السودانية عن بداية تنفيذ برنامج إصلاحي أطلقت عليه “برنامج إصلاح الدولة”، يثير جدلا واسعا بين مكونات المجتمع السوداني المختلفة، خاصة بين الحكومة ومعارضيها.
وقالت الحكومة إن برنامجها الجديد يحاول معالجة مشكلات خلفتها مجموعة سياسات سابقة بكافة مجالات الحياة، معلنة استعدادها لفتح صفحة جديدة توقف عبرها حالات التدهور التي تسيطر على غالب القطاعات الحيوية وغير الحيوية في الدولة.
وبحسب بكري حسن صالح -النائب الأول للرئيس السوداني، الذي كان يتحدث للصحفيين نهاية الأسبوع الماضي- فإن البرنامج المطروح يشتمل على معالجات اقتصادية واجتماعية وإدارية تمكن الدولة من استعادة قوتها.
وفور إعلان الحكومة لما أسمتها بالخطة الطموحة لمعالجة أزماتها المتلاحقة، تساءل متابعون عن القدرة الحكومية على تنفيذ البرنامج، ومدى استعداد مؤسساتها للتجاوب معه في ظل تعثر لازم تنفيذ خطط وبرامج سابقة.
مكافحة الفساد
لكن النائب الأول أكد أن عملية الإصلاح “تعني الفكاك بين الدولة والحزب” وعلى أن تكون الكفاءة هي الفيصل في شغل الوظائف بالدولة. لافتا إلى حرص الحكومة على مكافحة الفساد ومحاربته واستئصاله وضمان الحوار الوطني الشامل ليصبح ذلك ضمانا لما تم إصلاحه.
ووصف ذلك البرنامج “بالقضية المحورية والأساسية” التي يجب أن يشترك فيها الجميع لبناء دولة متقدمة في جميع النواحي، مؤكدا أن ذلك يأتي في إطار خطاب الوثبة الذي أعلنه رئيس الجمهورية في يناير/كانون الثاني 2014، والذي يدعو إلى إصلاح إداري واجتماعي بجانب تحقيق وفاق عام في البلاد.
وأعلن أن الحكومة ستعمل على جملة آليات وتدابير ومواقيت ملزمة لتنفيذ الإصلاح، بموعد تطبيق نهائي لإكمال كافة خطوات الإصلاح سيكون بنهاية العام 2016.
ولا يبدي أستاذ الاقتصاد في جامعة أم درمان الإسلامية محمد سر الختم تفاؤلا بالبرنامج لشكوكه في جدية كثير من الأجهزة والوحدات الحكومية في تنفيذ أي إصلاح منشود.
سلبيات الماضي
ويقول للجزيرة نت إن تاريخ الخطط والبرامج الإصلاحية في البلاد يؤكد إيفاءها بشروط الامتياز والجودة النظرية، “لكنها تموت لعدم تأييدها سياسيا”، راهنا نجاح البرنامج الجديد بتجاوز سلبيات ما سبق من برامج إصلاحية “حتى لا يصبح حديثا للاستهلاك السياسي”.
بينما ينظر مدير مركز الفدرالية للبحوث وبناء القدرات عمر جعيد للبرنامج المطروح على أنه أمنية، ويرهن نجاحه بتطور المؤسسات نفسها ورفع قدرتها والتزام قادة الدولة بتنفيذ ما تم التراضي عليه.
ويقول -في تعليقه للجزيرة نت- إن عوامل فشل مشروعات كبيرة سابقة، كالإستراتيجية القومية الشاملة، والنهضة الزراعية، والبرنامج الثلاثي للإصلاح الاقتصادي، هو الخلل الموجود في الخدمة المدنية، معتقدا أن تلك العوامل تحدد فرص نجاح مشروعات الإصلاح من عدمها.
فيما يستبشر الخبير الاجتماعي عبد المنعم عطا خيرا بالإصلاح في المؤسسات الحكومية. لكنه يرى أن البرنامج الجديد لم يخاطب أصل المشكلة بشكل مفصل وواضح “بل يتجه للتعامل مع إفرازات فقط”.
وأكد للجزيرة نت أن السياسات الاقتصادية بشكل عام تمثل أس المشكلة السودانية “لأنها لا تراعي الخدمات الأخرى التي ترتبط بها”، مستبعدا أي نجاح للبرنامج ما لم توجد معالجات طويلة الأمد لكافة ما تعزم الحكومة على إصلاحه.
الجزيرة