*واليوم نبعد عن السياسة لأسباب يعود تقديرها إلى قلمنا..
*والذي نبعد به هذا لا يهمني من يضحك علي منكم بسببه أو يسخر أو يندهش..
*فالمهم أن المفردة التي اخترتها لكلمتنا هذه لم أفهمها إلا مؤخراً..
*أي بعد أن بلغت – وقلمي – من الكبر عتيا..
*والفضل في إلمامي بمعناها يعود لواحد (بلدياتنا) من الناطقين بغيرها..
*أو ربما (هم) الناطقون بغيرها حسب وجهة نظره..
*وعلى العموم هذا جدل (مشروع) لا مكان له في مساحتنا اليوم ..
*فطوال سنوات عمري – من بعد الطفولة – كنت أسمع بالمفردة المذكورة ولا أفهم معناها ..
*و حين غنى عبدالعزيز المبارك (فيك حلاة غرويدة) لم أكلف نفسي مشقة السؤال عنها ..
*بل ولم أكن أعلم أصلاً أن لها صلة بالعيون ..
*فقد ظننتها من قبيل مصطلحات (الديس) و(الكفل) و(الضمير) التي تعج بها أغنيات الحقيبة..
*وأذكر أنه ذات نهار- من أيام الجامعة – كنت قاب قوسين أو أدنى من الوقوف على معناها لولا صديقي سري..
*فقد صاح زميلٌ لنا وهو يقبض على يدي (شوف البنت دي بتغرود كيف!) ..
*وقبل أن (أشوف) صاح سري صيحة أعظم وهو يقبض على كتفي (شوف البنت دي أنا مش ح أسيبها)..
*ولم أعرف أي البنتين (أشوف) إلى أن راحت (الغرويدة) مع صاحبتها..
*أما البنت التي عناها شاعرنا عبده سري فهي صاحبة القصة التي كتبت عنها مرةً تحت عنوان (سري للغاية!)..
*وبما أنه من داعٍ لتكرارها- القصة – فنكتفي بالقول أن سري ما كان يهمه أي (غرويدة) من جانبها..
*ما كان يهمه فقط أن تبعد هي – وغيرها – عن سكته (خالص) ..
*ونعود إلى (بلدياتنا) الذي أوقعته في مصيدة الحب (غرويدة) لنعرف منه معناها..
*قال إنه كان يحجم عن الزواج بسبب عدم عثوره على (نصفه الحلو)..
*يعني طيلة رحلة عمره التي تجاوزت (النصف) هو لم يعثر على (النصف) هذا..
*ثم تشاء الأقدار أن تكون (نصف غمضة) هي التي جعلت من صاحبتها سعيدة – أو تعيسة – الحظ ..
*وهكذا عرفت معنى (الغرويد) من شخص ليس من أهل الخرطوم ولا مدني ولا شندي..
*فقد كان في ظني أنها مفردة (خرطومية) انداحت إلى ما جاورها من مدن قريبة ..
*أما أن تبلغ شمالنا النوبي فهذا ما جعلني أداعب صاحبي قائلاً (لقد تنوبنت الغرويدة)..
*ثم أعترف له بأنني كنت أظنها (صرَّة!!).