خالد حسن كسلا : اعتراف «الترابي» بغير الحقيقة

> إذا كان حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعارض والأمين العام السابق للجبهة الاسلامية القومية حتى عام 1989م، وقد كسبت آنذاك أكثر من خمسين مقعداً برلمانياً في الجمعية التأسيسية، وكان في قيادتها جهابذة السياسة مثل عثمان خالد مضوي ومهدي إبراهيم وعلي عثمان ونافع ومجذوب الخليفة وغازي صلاح الدين وغيرهم، اذا كان الترابي يرى حسب ما نسبه اليه كاعتراف أن الحركة الاسلامية لم تكن مؤهلة لتسلم السلطة في عام 1989م، فهل ايضاً يرى أنه لم تكن هناك ضرورة حسب برنامجها السياسي واجندتها لتسلم السلطة؟!
> وهل أيضاً يرى أنه لم تكن هناك ضرورة وطنية متمثلة في الأمن والمعيشة لتسلم السلطة في ذاك الوقت؟!
> ألم يكن الهدف الأول من استلام الحركة الاسلامية السلطة استباق الخلايا اليسارية داخل الجيش التي لو استلمت السلطة في ذاك الوقت لكان الترابي الآن في «خبر كان»؟!
> أو لم يكن الهدف الثاني هو تفكيك صفوف المواطنين من أجل شراء السلع الضرورية جداً التي دخلت دائرة الندرة؟!
وهذا لو كان هو الهدف الثاني ولم يكن ضرورياً أو كان يمكن أن تتبنى عملية تحقيقه جماعة انقلاب يساري، فإنها كانت ستواجه منذ العام الاول تراجع النفوذ الدولي لموسكو ودخول بغداد في الورطة الدولية لصالح أمن اسرائيل ومخزون واشنطن النفطي الاستراتيجي.
> لكن الترابي وهو يتحدث عن عدم تأهيل الحركة الإسلامية لتسلم السلطة ينظر طبعاً الى مرحلة ما بعد المفاصلة عام 1999م، فلم يكن بوسعه أن يصرّح به قبل هذا العام.
> ثم أننا اذا اتفقنا معه في ان الحركة الاسلامية لم تكن مؤهلة لتسلم السلطة، ترى ما هو الحزب الذي كان مؤهلاً اكثر منها في الساحة لتسلم السلطة من خلال اصوات البسطاء أو من خلال ثغرات المؤسسة العسكرية؟!
> الحركة الإسلامية كانت الأكثر تأهيلاً في ذاك الوقت لاستلام السلطة، لو لا أنها اظهرت امينها العام في وقت مبكّر لتعطي بذلك انطباعاً سيئاً جداً للعالم لم يعالج الا بقرارات الرابع من رمضان المجيد الموافق 12 ديسمبر 1999م، وتتسبب في أخذ مواقف سلبية للعالم من السودان؟!
> كانت الوقاية من كل ذلك هي رأي عضو مجلس الثورة العميد حقوقي عثمان احمد حسن، حيث رأى ألا يظهر الترابي على مسرح السلطة مبكراً، لكن «الشفقة تطير» فقد استعجل الترابي الظهور ليقول بلسان الحال ها نحن هنا.
> لكن بعد أن ضاعت فرصة «الوقاية» في عام 1989م، لم يكف «العلاج» في عام 1999م لآثار الفترة التي ظهر فيها الترابي بقرارات الرابع المجيد. من آثار ظهوره عقوبات عام 1997م المستمرة حتى الآن، والقطيعة الدبلوماسية بين السودان وأهم الدول بالنسبة للسودان وقصف مصنع الشفاء. لقد خسرنا كثيراً بظهور الترابي مبكراً في السلطة، ولم تجبر قرارات الرابع من رمضان المجيد الكسر بصورة كاملة. والبركة في مبادرة الشريف زين العابدين الهندي.
> إذن كان الأوفق أن يقول الترابي إن ظهوره في وقت مبكر لم يكن صحيحاً وسليماً. لقد كان ظهوره ينم عن عدم ذكاء سياسي في قيادة الحركة الإسلامية.
> ألا يذكر الترابي أن جعفر نميري قد تحفظ على تعيين الشيخ أحمد عبد الرحمن وزير الداخلية في مايو «رئيساً للوزراء، رغم ان قيادة الحركة الاسلامية كانت تراه مناسباً للمنصب؟!
> ألا يتذكر الترابي أن جعفر نميري رفض تعيين التيجاني أبو جديري وزيراً للخارجية حينما اقترحت عليه الحركة الإسلامية تعيينه؟!
كل هذا وغيره يعزز رأي العميد عثمان أحمد حسن.
لكن الترابي استعجل الظهور عام 1989م، والآن يقول لوكالة «مأرب» إن الحركة الإسلامية لم تكن مؤهلة لتسلم السلطة في عام 1989م.
وهنا سؤال: هل هي مؤهلة الآن ام أن المؤهلين هم من تبقى من أعضاء مجلس الثورة في السلطة المستمرة؟! الآن إثنان في القصر وثالثهما في مقر حكومة ولاية الخرطوم.
> والقضية هنا ليست رؤية الترابي حول امر ما، لكنها هي المزاج الشخصي في إطلاق التصريحات.. ولو يصدق الترابي أو لا يصدّق.. فإن واشنطن ولندن وباريس وكل الدول العربية، وإثيوبيا واريتريا وجنوب السودان ويوغندا وتشاد.. كل هؤلاء يرون أن حكومة الخرطوم الآن تتمتع بذكاء خارق وصل درجة أن يتنحى أذكى أذكيائها في هذه الفترة عن السلطة مثل علي عثمان ونافع ومصطفى عثمان.
> وحينما دعا الدّاعي السياسي تنحوا، لكن الترابي يظهر في الوقت غير المناسب ويرفض التنحي في الوقت المناسب.. إنها إذن الأنانية على حساب اتفاق الحق.
غداً نلتقي بإذن الله.

Exit mobile version