فقد كان على علم أنّ التاريخ لحظتها كان يسترق إليه السمع . باستدراكه لم يصحّح نابليون جردة ممتلكاته ، أو مهر حبيبته ، بل مهر فرنسا ، التي كان يتهيّأ مذ جاء إلى العالم ، ليعقد قرانه عليها بشهادة التاريخ .
في كلّ تفاصيل حياته ، كان نابليون كبيرا .فقد كان يدري وهو في السادسة والعشرين من عمره ، أنه بسيفه الذي ما نام ليلة في غمده ، سيهب فرنسا زهو فتوحاتها ، و يغيّر مجرى التاريخ .
أمّا عندنا ، ثمّة من عقدوا قرانهم على شعوبهم ، وكان المهر دبابة ، وعندما غادروا تركوا لنا جردة خسائر لعدة أجيال عربية قادمة.
وثمّة من يوم جاؤونا ما كانوا يملكون سيوفاً . . بل جيوباً . لكنناّ لم نكتشف ذلك إلا عندما أفرغوا جيوبنا . جميعهم فعلوا ذلك وهُم يغازلون التاريخ ، دفاعاً عن أرضنا .
من أقوال نابليون ” مستعدٌ أن أضحّي بمليون شخص من أجل قطعة أرض ، لأنّ الذي يقطع أنفك اليوم ، يطلب ذراعك غداً ، ويدّعي ملكيته لعينك بعد غد “.
قول ما عاد لنا من أعينٍ لقراءته ، فقد وهبنا أعداءنا أعيننا أيضاً ، مذ تمّ الإتفاق على توزيع جسد الأمّة العربية بين أكثر من جنسيّة . عادةً يتبرّع الناس بأعضائهم بعد وفاتهم ، لكنها المرة الأولى التي يحدث أن يتبرّع قوم ٌ بأعضائهم الواحد تلو الآخر . . وهم أحياء !
الكاتب : أحلام مستغانمي