حكاية طريفة سمعتها من احدى معارفي قبل سنوات، تصلح لاستدعائها كتقدمة لحكاوينا اليوم .. كانت تقيم واسرتها في طمأنينة وسلام باحدى الدول العربية الشمال افريقية ، وبحكم قلة السودانيات في المنطقة، وطول الاقامة في نفس البناية، نشأت بينها وبين جاراتها من مواطنات تلك الدولة، عشرة وعلاقات طيبة مدعومة بتواصل حميم، لم يعكر صفوه شيء، الى ان سمعت ذات صباح صوت خبطات على باب الشقة بعد خروج زوجها الى عمله وابناءها الى مدارسهم، ولم يبق معها غير صغيريها اللذين لم يبلغا سن الروضة .. بكل اريحية اسرعت لفتح الباب، ظنا منها انها احدى الجارات جاءتها بحثا عن ونسة وفنجان قهوة صباحي كعادة اهل المنطقة، ولكنها فوجئت بشخص يضع على وجهه قناعا ويحمل سكينا يدفعها ليدخل ويقفل الباب خلفه ..
تحت تهديد السلاح الموجه نحوها وصغيريها المرعوبيين، اخرجت للص كل مصاغها ونقود المصاريف التي يتركها لها زوجها في الدولاب، وعند حضور زوجها مع الشرطة التي اهتمت بالحادثة، لم تستطيع ان تدلي بأي وصف للسارق، ولكن الشرطة وبحرفية عالية تمكنت من القبض على احد المشتبه بهم، فعندما اكد حارس البناية انه لم يدخلها احد في ذلك الوقت المبكر، توجهت الشكوك نحو شاب صغير مدمن هو ابن احدى جاراتها في العمارة ..
استدعتها الشرطة للتعرف عليه وعلى مسروقاتها التي ضبطت معه ولم يتمكن بعد من التصرف فيها، ولكن عندما سألها الضابط بعد احضاره عن ما اذا كان الشاب الواقف امامها هو من اقتحم بيتها، ترددت واخبرتهم بأنها لست متأكدة رغم انه بنفس الطول والحجم تقريبا، ولكنها لم تميز وجهه لانه كان يغطيه بقناع من النايلون ..
طرافة القصة تأتي عندما قاطعها الشاب في حماس:
لا لا يا خالتو دا أنا والله !!
واخبرها بأنها لم تستطع التعرف عليه فقط – لانه كان يلبس جوارب امه على رأسه !!
حكاية هذا الشاب المتحمس لادانة نفسه، تذكرنا بالحماسة التي يتعامل بها بعض الشاب البرئ مع مواقع التواصل الاجتماعي، فعندما ترتضى انت/ي واصحابك /صحباتك ان تقوم/ي بتحميل صور وفيديوهات قمت فيها بالتوثيق لحياتك الخاصة للشبكة العنكبوتية، كنت كمن حمل اصبعه ليطبز به عينه، عندما ترضى ان تحول بكامل ارادتك حياتك الخاصة لـ ملك شيوع يحق لكل من هب ودب ان يطلع عليها ليحكم عليك ..
عندما ظهرت الاقمار الصناعية وما تبعها من امكانية كسرها لخصوصيات الناس والدول واطلاعها على اسرارهم، كان الفنان السوري (دريد لحام) اول الساخرين من هاجس الاعراب من ان تهتك اقمار الامريكان عوراتهم السرية، فحكى على لسان بطل مسرحيته (كأسك يا وطن)، عن الليلة التي انقطع فيها التيار وكان الجو حارا فصعد الى سطوح منزله لينام فيه، ولكن ابن عمه الذي يعيش في امريكا اتصل به على عجل، ليطلب منه ان يتغطى وينزل من على السطح لانهم يرونه من هناك !!
اذكر ان دكتور (فيل) اختصاصي علم النفس ومقدم البرنامج الشهر الذي يحمل اسمه، كرّس احدى حلقاته لمناقشة السبهللية والسهولة التي يتعامل بها الشباب الامريكي مع الشبكة العنكبوتية، والتي يدفعون ثمنها غاليا عندما يكبرون، ليدركوا انهم وثقّوا لحظات مجونهم وسكرهم ورقصهم ثم القوها على طرقات الشبكات، لتكون حجر عثرة يسد الطريق الى المستقبل العملي ..
سأل احدى الشابات محبة للحفلات شاركت في الحلقة، بعد ان قام باستعراض صفحتها على الفيس البوك المليئة بصورها في الحفلات وهي ترقص وقد بانت عليها الثمالة والانبساط بما يوحي بأنها قد امتلأت بأم الكبائر حد الرشرش .. سألها اذا ما كانت تعلم بأن سبهلليتها تلك حبل تلفه بيديها حول عنقها يدها البتطبز بيها عينا وذلك لأنها عندما تتخرج وترغب في التقدم للوظيفة التي تتمناها، فان اول ما سيقوم به اصحاب العمل للتحري عنها هو وضع اسمها على محرك قوقل، لتخرج عليهم عقارب فعائل رقصها وسكرها من كل جحر اسفيري عميق، فهل سيرغب احد ان يوظف احد المبسوطين او ان يضع فيه ثقته ؟!!
غفلة التعامل مع التقنيات الحديثة امبارح القريبة دي رمت بناشطي الثورة المصرية في شباك عملاء المعلوماتية، فيوميا وعبر برنامج (الصندوق الاسود) يتم نشر محادثاتهم التلفونية وحواراتهم الفيس بوكية المسجلة والمفبركة، بل وحتى من غرف الشات، التي يتعامل معها البعض على انها محمية بجدار الخصوصية، حتى يجدون انفسهم كحال دريد لحام مع ابنة عمه عريان عرض قماش الدنيا ما يكسي ..
مخرج:
لا ادري بأي منطق يقوم البعض من المتعاطين مع الاسافير بطبز اعينهم بايديهم .. ان لم تخاف على السمعة والاهل والمستقبل .. خلينا دا كلو .. خاف من الله من ان تحشر في زمرة المجاهرين.
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]