بدا مؤخراً أن نظام المعاملة الإلكترونية الجديد أضحى حتمياً لمسايرة عمليات التحصيل في البلاد. ويؤثر النظام بحسب الخبراء بصورة إيجابية على الاقتصاد من زاوية حماية المال العام، إلا أنه ربما انعكس سلبا على المواطن خصوصا في المرافق الحكومية والصحية على سبيل المثال. ففي واقع الأمر ثمة تزاحم كبير وعمليات مؤجلة بسبب الشبكة (الطاشة) والتي أصبحت هاجسا لكل المعاملات الإلكترونية في البلاد، حيث يرى الكثيرون أن المعاملات الإلكترونية طفرة تقدمية لدوله تفوقنا سنوات ضوئية، في وقت لازال خلاله الكثير من موظفي المكاتب يحتفظون بورق الكربون في مكاتبهم.
وينحي البعض باللائمة في تدني قدرة المؤسسات الحكومية على تقديم خدماتها إلكترونيا، إلى تقاعس وزارة العلوم والاتصالات وغياب دورها في تنشيط الشبكة حتى يصبح التحصيل الإلكتروني سهلا في غياب أورنيك (15) الصادر من وزارة المالية، والذي أصبح موقوفا بأمر الحكومة لا الشبكة.
حسناً، بدا أيضاً أنه ثمة سلبيات يخلفها التحصيل الإلكتروني أولها فائض العمالة الذي أشار إليه إبراهيم أحمد عمر رئيس البرلمان لدى جلسة الاستماع التي عقدت أول أمس، مشيراً إلى أن ثورة التقانة تفضي بفائض عمالة كبير، وأن التحصيل الإلكتروني في الوقت الحالي سيؤثر على معاش الناس، نظرا إلى أن المجتمع السوداني يتكون من طبقة واحدة وهم متوسطو الدخل. في وقت دافعت فيه بدرية سليمان في ذات الجلسة عن المسألة للقضاء على تجاوزات في المال العام، إذ يرى الخبراء أن التحصيل الإلكتروني إذا ما توفرت له شبكات اتصال جيدة فسيقضي على الفساد والتعدي على المال العام، بينما يقر الوزير على محمود بصعوبات تجابه التحصيل الإلكتروني حتى اللحظة.
هذا ما كان من أمر السجال في بعده السياسي، أما على مستوى الممارسة فقد تحدثنا إلى مصدر مطلع في مركز (عبد الفضيل الماظ لطب وجراحة العيون) الذي دخل دائرة التحصيل الإلكتروني منذ شهر أو اقل وهو إحدى المؤسات الصحية التي تعاني من مشكلة الشبكة.. يقول محدثي: قمنا بتدريب (3) من موظفي الحسابات على كيفية التحصيل الإلكتروني قبل الشروع في التعامل به.. مشيرا إلى أن “المركز به برجان (سوداني، وزين) ولا زالت مشاكل الشبكة (الطاشة) قائمة ففي العادة تقطع حوالي ساعة أو أقل حيث نقوم برفع الشكوى إلى وزارة الصحة وهي الجهة المعنية وننتظر الرد”.
وعن إجراء العمليات يقول المصدر: عادة ما يتم العمل بالشكل الروتيني العادي فجميع العمليات تجرى في وقتها لم نواجه مشكلة بالحجم الذي يتناوله الإعلام، وأضاف معلقا على حديث الدكتور إبراهيم أحمد عمر: “لا يمكن التخلص من موظفي الحسابات حال أصبح التحصيل إلكترونيا فنحن في حاجة لهم لأن المركز يستقبل حالات طوارئ من جميع المستشفيات حتى منتصف الليل فيصبح التخلص منهم صعبا ومعيقا للعمل كما أنهم من الجانب الإنساني الجميع لهم ظروفهم ومسؤولياتهم حتى لو أصبح العمل بالماكينات فليس الإنسان ماكينة ليعمل ليل نهار”، وأورد أن العمل في شهر رمضان كان متوقفا تماما واستؤنف بعد العيد ودخل الجميع في دائرة التحصيل الإلكتروني وأصبحت العمليات مؤجلة وهذا هو الأمر الوحيد إلى خلق تكدس فيي العمليات بجانب الشبكة في الأيام الأولى.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي كبج إيجابيات في التحصيل الالكتروني على مستوى الميزانية الموحدة وربط الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات ببعضها لتكون على علم في ما يتعلق بالإيرادات، وأشار إلى أن الجريمة تتطور بتطور الإجراءات التي تتخد لمنعها وهذا أيضا فيه تضييق على الفساد والاعتداء على المال العام، وأشار إلى أن التحصيل أثار جدلا حادا في وزارة المالية مقترحا استمرار العمل بالإيصال الورقي مع الإلكتروني حتى نهاية العام حتى يعمم في الولايات ويتم ربطه مع الحكومة الاتحادية حتى يكون هناك بديل للحكومة حال قلة توفر وسائل التحصيل أو التدريب فهناك خيار باستلام الأموال في حالة الشبكة (الطاشة)، كبج يرى أن لدى وزارة المالية ثقة أكبر من اللازم في نجاح التحصيل الذي ابتدأ العمل به منذ 30 من يونيو المنصرم، فقد خلق التحصيل مشاكل كثيرة في تحصيل الأموال حتى في الوزارة ذاتها، وأضاف كبج: من زاوية أخرى هناك مسألة الوظائف التي يتم التخلص منها إذ يجب على الحكومة توفير فرص عمل جديدة وأن تسعى لمحاربة الفقر حال الاستغناء عن بعض الموظفين حسب ما جاء في جلسة البرلمان وعليها توظيف العاطلين من الشباب دون تحصيل مبالغ كبيرة منهم عبر اقتراح برامج تنمية حقيقية والتخلص من الذين يصرفون رواتب شهرية في مسمى وظيفي وهمي.
اليوم التالي