رمي الودع طلاسم تسيير الحياة

تحقيق: ضفاف محمود

منذ الأزل تشكل مصدر جذب، ليلتف حولها الكثير من الناس منهم من يأتي يحمل همه كي يجد محاولة للتخفيف دون الاكتراث لما تقول، والشق الآخر يأخذ حديثها محمل جد، كل على حسب غايته وحاجته، فست الودع أو ما تعرف وسط العامة بـ”الوداعية” ظاهرة قديمة لم تندثر، بل اضحت في تنامٍ مطرد، فبحسب كثيرات لم تعد الوداعية قاصرة على مجتمع النساء فقط، بل بات يلجأ إليها بعض الشباب، والمدهش أن هنالك من يؤمن بضرب الودع وإنه يمكن أن يؤثر في مجرى حياة الشخص ليكون منتظراًً بشغف عن ما ستسفر عنه الأيام، خلال بحث مضنٍ دخلنا وسط دهاليز ذلك العالم الخفي لنطلع على كثير من الأسرار، وروادها وسط الكثيرات تحملت خلالها عناء وخزعبلات لا تفي للحديث :
ضرب الودع
البداية كانت بمنزل إحداهن بحي أم درماني شهير تدعى “منى” امرأة في أواخر الثلاثينات تعرفت عليها عن طريق إحدى جاراتي اللاتي يترددن على منزلها بصورة شبه يومية، من البدء لم تتردد جارتي في تعريفي بهذه السيدة، للتو ذهبت معها إلى ذلك المنزل المكون من غرفة تقع على الباب والأخرى بالداخل أمامها صالة كبيرة بها عدد من الكراسي والمقاعد البلاستيكية وتربيزة كبيرة بها حافظة ماء والنساء يجلسن بأعداد مهولة ضاقت بهن الصالة تعلو أصواتهن بالونسة يتناولن موضوعات شتى. كانت مرافقتي على معرفة بمعظمهن وأماكن سكنهن والمشاكل التي تواجه كل واحدة منهن.
جهل أهل القانون
شيء غريب لفت انتباهي لفتاة في أواخر العشرينات تجلس على كرسي بالقرب من الغرفة التي تجلس بداخلها الوداعية كانت تقوم بترتيب أدوار النساء تخرج واحدة وتدخل أخرى ، في تلك الأثناء كانت مرافقتي تتحدث مع أحدى النسوة الجالسات كيف حالك با أستاذة والأخبار شنو والزول دا ظهر ولا لسه سألت مرافقتي من هي الأستاذة وماذا تعمل قالت لي (دي أستاذة محامية) وقلت لها لماذا أتت إلى هنا، طلبت مني أن ألزم الصمت لأتجاذب أطراف الحديث مع الأستاذة المحامية وسألتها هل الوداعية دي شاطرة وبدأت أسرد لها حكاية من بنات أفكاري وأخبرتها بأن لدي مبلغاً من المال سرق منى ل جئت للوداعية أخبرتني الأستاذة بأنها خطيرة وإيدها لاحقة وعندها خدام وقلت لها إنني لا اؤمن بضرب الودع قالت لي كلنا في البداية كنا مترددين لكن أنا جيت لأول مرة مع إحدى صديقاتي في الحي وواصلت معها للعلاج وسألتها ما نوع العلاج أجابتني بترمي الودع وبتشوف ليك الحاصل شنو وبعدها بتعمل ليك علاجات عبارة عن بخور مختلف من سبع أنواع وعن نفسي استعملت العلاج الأول نفع معاي وأموري فل الفل وتركت الأستاذة جاء دورها لمقابلة الوداعية واستاذنتى بعد دخول الأستاذة.
البحث عن عريس
بعدها كانت بجواري سيدة أربعينية تتميز بالفضول والثرثرة معاً وسألتني عن سبب مجيئي قلت لها تقدم لي عريس وهرب ولم أعرف له خبراً وأين ذهب قالت لي الشيخة دي بتروب الموية والله يا بنتى بخور ثلاث مرات تستعمليها تشوفي براكي لو ما جاء جاري وكمان حفيان وحب ليك في راسك أسمعي كلام خالتك دي سألتها وانتي مشكلتك شنو يا خالتي قالت لي أنا شغالة تجارة شنطة الخرطوم دبي ولقيت معاكسات من زوجي ومنعني من السفر وطبعاً التجارة مربحة لما رفض السفر جئت للشيخة أادتني بخرتين الراجل سكت تاني ما فتح خشمو.
طقوس غريبة
بعد ان مكثت ثلاث ساعات باهتمام جاء دوري للدخول ودخلت على الوداعية ، بدءًا سلمت عليها قابلتني ببشاشة رحبت بي وصبت لي فنجان قهوة كانت أمامها، ولاحظت إن الغرفة مفروشة بالأحمر بها موكيت باللون الأحمر الستاير باللون الأحمر بالقرب منها منضدة بها عدد من الفناجين وسكريات إحداهن بها فول سوداني(مدمس) والأخرى بها سكر وصينية بها عدد من الثمار البلدية ودعتني إلى الجلوس بها صينية شكلها دائري بها رملة وكمية كبيرة من الودع بأحجام مختلفة وإلى جانبها عدد من علب البخور الجاوي الهندي المر حجازي اللبان الذكري اللبان العادي العودية وأرياح لم أعرف منها سوى بت السودان جلست ووضعت البياض على المنضدة كان عبارة عن واحد وعشرين جنيهاً لم تسألني عن سبب مجيئي إليها وبدأت تضرب الودع قالت لي أنت عندك مشاكل كثيرة سألتها عن نوع المشاكل العندي لم ترد على بإجابة بعدها قالت مشاكل أسرية وذكرت لي أنني ثانية أختين وقالت لي انتي شغلك دا فيهو عوارض كثيرة وعندك الشهادة الما طلعت قلت ليها صدقتي وقالت عن العوارض والريح الأحمر العندي لازم أحضر جوز حمام و250ج وبت السودان وبخور مسبع ودبلة فضة من الفضة الخالصة من أجل فتح العلبة وقلت لها كيف تفتحي العلبة قالت بنزل الخدام والروحاني بعد ذلك تشوفي الودع في النوم بقع كيف وبكون عندك جماعة بتعرفي الحاصل كلو ديل روحانية بظهروا بعد أربعين يوماً من فتح العلبة شعرت بنوع من الخوف ولاحظت الوداعية خوفي قالت انتي معنى الكلام ما بتقدري على الجماعة قلت ليها كيف قالت انتي في الأربعين يوم بتشوفي حاجات غريبة في النوم قال الخطوة الأولى بعد فتح العلبة بكون عندك فستان أحمر والآخر نمري وتضعي سكين المؤخرة تحت المخدة قلت لها أي سكين قالت لي السكين التي يذبح بها الحمام المخصص لفتح العلبة تم تلطيخها بالدم لذلك تكون أصابني الرعب والخوف معا غادرت وتركتها وشأنها.
عالم داخل عالم
وبدات رحلتي إلى إحدى الوداعيات التي تقطن بحينا وطلبت منها أن تخبرني كيف تعلمت ضرب الودع وكانت تعلم بأنني أعمل صحفية وطلبت منها أن لا اأذكر اسمها ، ووعدتني أن أحضر إليها في المساء لأن اليوم يوم أحد وهي تحضر قهوة الجماعة (أولاد ماما) وما عايزة إزعاج وكلام كثير وطلبت منى أن أشرب معها القهوة وبالفعل وافقت على طلبها وجلست معها قامت بتنظيف المنزل وحضرت عدة القهوة المكونة من الشرقرق الفناجين أبونجمة والفناجين الحبشية والفيشار وحلوى النعناع وبعض المكسرات الموضوعة على الصندوق والسكر واللبن والزنجبيل والهبهان وعدد من الملاعق الصغيرة والكبيرة وخرجت المقلاة من داخل الصندوق أوقدت الفحم ونظفت البن وقامت بقليه والفندق كان جاهزاً أمامها قامت بإعداد القهوة ولاحظت أنها صبت قهوة في عدد من الفناجين ولم تشرب منها عندما سألتها قالت إنها تتبع(لأولاد ماما) وطلبت مني الصمت ولم أتحدث معها مرة أخرى اجتمع عدد من النسوة والبنابر ولاحظت وجود برسيم متناثر، بجانبه علب من البخور وجود مباخر واحد في الركن به بخور لونه أبيض عندما سألت عن البرسيم قالت لي دي قهوة حبشية أنا عندي لولية، كانت تضرب الودع بطريقة جماعية لكل الحاضرات تختلف مع من في طريقتها الفردية والبياض ما تيسر لم تفرض تعريفة محددة بياض بعدما فرغت من احتساء القهوة وتفرقت الجلسة وطلبت منها أن تشرح لي كيف تعلمت الودع ابتدرت حديثها بآخر هذه الأشياء فتح رباني وقلت لها كيف ذلك قالت أنها بخيتة وشافت ضرب الودع في المنام وقالت إنها كانت تجده على الأرض وتجد العملة الورقية وقالت لي رويت هذه الرؤية، وعن العلامة الورقية التي أجدها بالشارع وقالت لي جدتي هذه الأشياء من الجماعة وذهبت إلى إحدى شيخات الزار في حي أم درماني عريق بدأات في مراسم فتح العلبة التي بدأتها بذبح ديك رومي وإحضار عدد من السجاير والحلويات وأنواع محددة السجاير البينسون والبرنجي وتم ذبح الديك الرومي وتجهيز السجاير وبعدها أصبحت ارمي الودع لأنني لدي الجماعة والجماعة عندهم طلبات ولازم تتعمل والطلبات لو ما اتعملت بتحصل أشياء غير حميدة مثل المرض وفقدان الأشياء وسألتها ما هي الأشياء التي تقومين بعملها للجماعة هي القهوة و السجاير وعمل وجبة الزغني الحبشية وعطر بت السودان إضافة للبس فستان لولية الأحمر وتدخين سيجارة أو سجارتين.
حكاية غريبة
بعدها التقيت بالعديد من النساء والطالبات سلمت (م) بأنها تمسك في يدها ودعاً مما جعلها تقوم من النوم مفزوعة ولكن الشيء الذي جعلها تخاف فعلاً بأنها وجدت الودع في الصباح موجوداً في تربيزتها التي أمامها سألت كل أولادها في المنزل عن سبب وجوده ولكنهم لا يعرفون شيئاً عنه حتى في اليوم الثاني نفس الحلم راودها ولكنه مختلف حيث جاء شخص يرتدي أبيض لديه لحية بيضاء طلب منها أن ترمي الودع وتأخذ المقابل بمعنى (البياض) حق الرمي ولكنها رفضت الفكرة تماماً بدأت تظهر عليها ملامح التعب والإرهاق والنسيان عندها حضر لها نفس الشخص وقال لها إذا لم تقومي بهذا الأمر سوف نعمل لكِ مجلس محاكمة وهي رفضت حتى قالوا لها سيكون غداً محاكمتك حتى جاءها نفس الشخص مرة ثالثة وقال لها وصلنا للأمر والمحاكمة وكانت المحاكمة حيث شعرت في اليوم الثاني بوعكة قوية للمستشفى وهي في غيوبة عندها نقلت للحوادث في العناية المركزة تعرضت للجلطة وضمور في الكلى من غير سابق إنذار.
ندم والم
ن – ع فضلت حجب اسمها بدأت الدموع تنهمر من مقلتيها كنت مدمنة للودع لدرجة إن إكسسواراتي بها الودع وأعشقه لدرجة الجنون حدث ما لم يكن في الحسبان ذات مرة ذهبت مع إحدى صديقاتي لإمرأة في حي عريق تضرب الودع يومي الأحد والأربعاء وبالفعل جلسنا معها واحتسينا القهوة بعدها بدأت (ترمي الودع) أول شيء قالت لي الثلاثة منو عندك قلت لها والدتي قالت لي مريضة قلت لها نعم قالت لي الثلاثة بتموت وبالفعل ماتت والدتي بعد مضي أيام لذلك كرهت الودع وسيرة الودع لا أحبها وبدأت استغفر الله العظيم بصورة دائمة حتى وأنا في المواصلات المسبحة لا تفارقني قط.
كذب المنجمون ولو صدفوا
أ-م التي وجدناها داخل منزل الوداعية التي سردت لي قصتها مع الودع قالت لي إنني أعشق الودع وأحبه لدرجة الجنون ذات يوم وجدت امرأة على قارعة الطريق تضرب الودع لم أتردد في الذهاب إليها وبالفعل قامت برميه لي مقابل بياض زهيد والتمست الصدق في حديثها، وسألتها هل تؤمنين بهذه الأشياء التي قال عنها رسولنا الكريم(ص) من أتى عرافاً أو كاهناً قد كفر بما أنزل على محمد؟ ، ردت على مضض لكن لا نصدقه نعتبره ونسة فقط الأستاذة ليلي محمود التي ابتدرت حديثها عن ضرب الودع يقول الرسول الكريم من أتى عرافاً أو كاهناً قد كفر بما أنزل على محمد . وقالت ليلى هذه الظاهرة تفشت بصورة مذهلة وسط المتعلمات والطالبات وربات المنازل اللائي يتفرغن لها تماماً بالرغم من ثورة التعليم العالي والتوعية الدينية أصبحت هذه الظاهرة في زيادة مضطردة والوازع الديني له دور كبير وعلى القائمين بالأمر محاربة تلك الظاهرة الخطيرة وأحياناً كثيرة تجد النساء على قارعة الطريق يمارسن هذه الظاهرة أمام الملأ وعلى عينك يا تاجر وللحد من هذه الظاهرة لابد من وضع عقوبات رادعة.

التيار

Exit mobile version