محمد لطيف : التمويل الأصغر.. نفاق سياسي

( الخرطوم ـ (سونا)- أكد البروفيسور أحمد المجذوب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني أهمية دور التمويل الأصغر في توطين صناعات وأنشطة إنتاجية متكاملة بما يحقق الأهداف التكاملية الداعمة للاقتصاد. وأكد المجذوب دعم اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني للتوسع في تجربة التمويل الأصغر ودعم سياساته وأهدافه، مؤكدا اهتمام الدولة بالتمويل الأصغر بوصفه من البرامج الاقتصادية الفاعلة، وأشار إلى أن السياسات النقدية والتمويلية خصصت له نسبة 12% من السقف التمويلي، مشيرا إلى وجود عقبات تتمثل في النواحي الإجرائية المتصلة بموضوع ضمانات التمويل الأصغر.)
خصصنا الفقرة الأولي من هذا التحليل لتصريح طيرته وكالة السودان للأنباء للبروفيسور أحمد مجذوب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان.. ومجذوب يطرح نفسه.. أو يطرحه حزبه كخبير اقتصادي شغل مواقع عديدة ذات صلة بالملف الاقتصادي.. حتى حين ذهب لنشاطه الخاص أسس مركزا غير بعيد عن الملف.. يتداخل ويتقاطع مع الدوائر الرسمية في بعض الأحيان.. عليه كان المؤمل من خبير اقتصادي أن يأتي حديثه مختلفا عن أحاديث الساسة.. مثلا.. وهو هنا يحتفي بالتمويل الأصغر ويعلن دعم لجنته له.. لماذا..؟ بوصفه من البرامج الاقتصادية الفاعلة.. وأين تبدت هذه الفاعلية يا معالي الخبير..؟ لا إجابة.. حديث اقتصادي.. أو هكذا يفترض.. ومن خبير اقتصادي.. أو هكذا يفترض.. وفي مشروع اقتصادي.. أو هكذا يفترض.. ثم لا تجد أي تقييم اقتصادي قائم على الأرقام.. وعلى الإحصائيات.. وعلى الدراسات.. فكيف يستقيم هذا..؟
ماذا حقق التمويل الأصغر من إنجازات على مستوى الأفراد أولا.. بمعنى كم تبلغ نسبة المواطنين الذىن حصلوا على التمويل الأصغر.. ثم نجحوا في تحويل ذلك التمويل إلى مشاريع إنتاجية تدر دخولا كانت سببا في خلق موارد دائمة لأولئك الأفراد.. ثم كانت سببا في توفير الاستقرار المادي والاقتصادي لأسر أولئك الأفراد..؟ نسأل عن نسبة هؤلاء مقارنة بنسب أولئك الذين حصلوا على التمويل الأصغر ثم وجهوه لاحتياجات أخري لم تكن لها أية علاقة بتأسيس مشاريع اقتصادية ذات عائد ثابت.. من توظيفها لإكمال نصف الدين.. إلى استغلالها لإكمال بقية المنزل.. إلى دفعها لإكمال إجراءات الحج والعمرة..؟ لو أن السيد مجذوب قدم لنا إحصائيات دقيقة عن الموقف تعزز زعمه وتدحض ادعاءنا.. إذن لبصمنا له بالعشرة وباركنا مشروع التمويل الأصغر.. الذي في رأي كثير من الخبراء لم يفعل غير تحويل الآلاف من المواطنين إلى مدينين مهددين بالسجون.. إن لم يكن بعضهم قد دخلها فعلا.. ولن نتحدث عن أثر المشروع على التضخم.. بحسبان أننا غير مختصين.. خبراء آخرون يجزمون أن المستفيد الأول من التمويل الأصغر هي البنوك بما تحصل عليها من رسوم ومن أرباح.. دون أن يكون لها أي دور يذكر في تحقيق تلك الأرباح إن وجدت أصلا.. لماذا..؟ وهذا رأي الخبراء ايضا.. لأن الجهاز المصرفي.. وبكل بنوكه دون استثناء.. عاجز عن متابعة المرابحات.. أو التمويلات التي يقدمها لعملائه.. وقبل ذلك.. ليس من مصرف يقدم استشارة علمية ذات جدوى اقتصادية لطالبي التمويل.. وليس من مصرف يبذل جهدا حقيقيا للتأكد مما إذا كانت أيما مرابحة خرجت منه.. كانت مرابحة حقيقية أم صورية.. كما يحدث في جل المرابحات عموما.. وفي معظم التمويل الأصغر خصوصا.. إن أول ما يقوله لك أي موظف في أي مصرف حين تسأل عن التمويل الأصغر.. أو حتى إن سألت عن مرابحة مليارية.. أن يقول لك..( بس جيب ليك أي دراسة كدة )..!
إذن أي حديث عن نجاح التمويل الأصغر لا يعدو أن يكون نفاقا سياسيا.. وأي دور للتمويل الأصغر في إصلاح الاقتصاد.. لا معنى له قبل إصلاح الجهاز المصرفي وتأهيله ليكون رقيبا فعليا على حسن توظيف ذلك التمويل الأصغر..!

Exit mobile version