ثلاث قنابل مدوية انفجرت على رأس محمد أحمد المسكين خلال اليومين الماضيين، تعاقب على إلقائها على أم يافوخه ثلاثة من المسؤولين، القنبلة الأولى فجرها في وجهه وزير الكهرباء معتز موسى حين أصر إلحاحاً على (حتمية) زيادة تعرفة الكهرباء، تلاه وعلى طريقة (وأنا كمان) وزير البنى التحتية بولاية الخرطوم الذي توعد الناس بألاَّ استقرار في الإمداد المائي ما لم تُزد فاتورة المياه، هذا ما قاله صراحةً بلسان المقال، وكأني به يقول بلسان الحال (والما عاجبو يشرب من البحر)، وبينما محمد أحمد الغلبان أو إن شئت دفع الله المغلوب على أمره ، يعاني الدوار والذهول جراء الدوي الهائل لتينك القنبلتين، إذا بمسؤول ولائي آخر تأبى نفسه (الرحيمة) عدم التخلف عن هذا (المولد)، فيقرر ألاَّ يكون من الخوالف ويطلق عليه رصاصة الرحمة بحديثه عن اتجاه الولاية لـ(تحرير) تعرفة المواصلات وتركها عُرضة للمنافسة في السوق الحر دون تحديد سعر و(الحشاش يملى بصاتو وحافلاتو)…
ذكرني هذا الاتجاه الثلاثي لزيادة فاتورة ثلاثة من أهم القطاعات الخدمية الأساسية المرتبطة ارتباطاً مباشراً ومؤثراً بحياة الناس اليومية، بذاك المبيد الحشري الذي كانت تعلن عنه الجهة المصنعة له بإعلان يقرأ (ريد قاتل الصراصير.. يتمتع بقوة ثلاثية للإبادة.. ليست واحدة ولا اثنتين.. بل قوة ثلاثية للإبادة)، ومع النبرة القوية الراعدة التي يذاع بها الإعلان كانت المادة القاتلة تنطلق بقوة من فوهة علبة المبيد تجاه الصراصير فترديها قتلى، أليست بربكم هذه (الاتجاهات ) الثلاثة لزيادة أسعار أهم الخدمات الأساسية بل الأحرى هذه الحقوق الإنسانية الأولية إن تمت، هي الإبادة بعينها، فمعظم الناس أصلاً في معاناة مستمرة وكبد لا نهائي وفي حالة مكابدة ومجابدة دائمة ليظلوا على قيد الحياة، فما الذي يراد بهم وهم على هذا الحال من الضنك غير إبادتهم بمثل مثلث برمودا القاتل هذا الذي يزمعون إلقاءهم فيه، إن أخطر ما تلفت النظر إليه هذه الزيادات المزمعة لثلاث من أهم الخدمات، هو أنها كشفت النية المبيتة لـ(تسليع بقية الخدمات) بتسليمها (صرة في خيط) لآليات السوق وقواه وتماسيحه، فتصبح مثلها مثل أي سلعة كمالية، كالمناكير والبودكير وكريمات تفتيح البشرة وتبييض الوجه، ويقيني أن المواطن الذي صبر وصابر على كثير من الأذى، لم يبق في قوس صبره منزع لصبر جديد، وأولى لهؤلاء المسؤولين فأولى أن يبحثوا عن حلول أخرى لما فشلوا فيه، فمن العيب والخيبة أن يهدر المال العام الذي يستخلص من فقر الناس ويستباح للهابرين على النحو الذي كشف جزءاً منه (أورنيك 15 الإلكتروني)، ثم يطلع عليهم بلا خجل من يتوعدهم بالمزيد.. صحيح أن “الإختشوا ماتوا” وحسبنا الله ونعم الوكيل.