عشرة أعوام نقضت على رحيل رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان د.جون قرنق الذي لم يكن يعلم أن تلك الرحلة هي الأخيرة في ذلك اليوم الذي غادرت طائرته السودان تحمل معها آمال السلام والتنمية والاستقرار للإخوة الجنوبيين بعد حرب استمرت لسنوات طويلة.. وكذلك كانت تحمل الحلم بقائد وحدوي راهنت عليه الحكومة في تحقيق وحدة جاذبة حطت به في الأراضي اليوغندية الحلفاء الذين طالما دعموا حركته المتمردة – إتهامات بأن الأيادي الموسفينية هذه المرة كانت تودع الحليف الجنوبي لآخر مرة.
طريق العودة إلى السودان كان طريق الموت حيث اصطدمت الطائرة بالجبل لتنتهي أسطورة الجنوبي الذي أشعل الحرب لأكثر من عشرين عاماً..
.. غادر جون وبقي السؤال من قتل قرنق وأحلام الوحدة والبسطاء الجنوبيين.. الجنرال دانيال كودي رفيق النضال لقرنق قال في حوار مع آخر لحظة قبل ثلاثة أعوام.. إن رحيل قرنق سيظل لغزاً لن يتمكن أحد من الإجابة على سؤال من قتل قرنق إلا بفك طلاسم ذلك الصندوق الأسود – وحتى رفيقة دربه زوجته ربيكا كانت قد صرحت بإحدى الصحف عقب رحيله متوعدة قائلة عبارة واحدة فقط هؤلاء لا يعلمون ماذا تفعل اللبوة عندما يموت الأسد ولكن أعتقد أن الصندوق الأسود ظل غامضاً محتفظاً بسره حتى الآن ليظل السؤال الآخر.. هل وئدت الوحدة؟
وفي الذكرى العاشرة لرحيله أكد محللون سياسيون أن رحيل جون يمثل توقيع شهادة وفاة مشروع السودان الجديد.. وقال الأستاذ مؤمن الغالي إن وفاة قرنق كانت السكين التي ذبحت مشروع السودان الجديد.. فريق آخر يرى أن قرنق كان مع الوحدة إذا ما مكنت لمشروعه «السودان الجديد» الذي يكون هو على رأسه شخصياً.. هذا الفريق يرى أن قرنق لم يكن ليدعم إلا الوحدة التي تحقق طموحه بسودان المشروع الجديد.. إلا أن المراقبين والمحلليين السياسيين اتفقوا على أن القائد الأعلى للحركة الشعبية وصاحب الفكرة على حد تعبير البروفيسور حسن الساعوري المحلل السياسي الأكاديمي الذي قال لآخر لحظة إن رحيل قرنق كان له الأثر الأكبر في تحول قيادات الحركة من الوحدة إلى الانفصال.. لكنه عاد وحمّل المعارضة الشمالية بصفوف الحركة الشعبية مسؤولية ضياع حلم الوحدة قائلاً: القيادات الشمالية مع قرنق لم تشأ أن يكون بعد موت قرنق.. مشيراً إلى أن هذه القيادات الشمالية كانت صاحبة القرارات والدور الأهم في توجيه الحركة الشعبية.. متهماً إياهم بالخيانة الوطنية والقتل العمد لمشروع الوحدة طمعاً في إسقاط النظام بتهمة الانفصال.. قائلاً إن الذين ساندوا قرنق أيام التجمع هم من تجاهلوا العمل لوحدة جاذبة بعد رحيله..
لم يكن القائد جون قرنق يعلم وهو يغادر قاعة ذلك الاجتماع متنفساً الصعداء بعد أن تمكن من إقناع ذلك الجناح الشرس الرافض للوحدة بعنف من العمل لأجلها لم يكن يعلم أنه النفس الأخير وأن مخرجات الاجتماع ستتبعثر أوراقا في الهواء.. ويوقع القادة الجنوبيين وحلفاؤهم في الداخل والخارج شهادة وفاة الوحدة.
تقرير : فاطمة احمدون
صحيفة آخر لحظة