كان والده مادحاً وإخونه ممثلين وشعراء مطربين يعرفهم سكان مدينة الدامر وضواحيها عرفت أسرته بالمرح وبانتمائها إلى طائفة الأنصار. قدور اطلق صرخة الميلاد في مدينة الدامر وقد سبقته صرخات ميلاد كبار شعراء السودان وأدبائه كالشاعر (الشعبي) محمد المهدي المجذوب وكالعالم الأديب العلامة الشاعر البروف عبد الله الطيب والشاعر علي عكير (عكير الدامر) .. شاعرنا وأديبنا وفاكتها العم (السر أحمد قدور) ولد بمدينة الدامر في بداية الثلاثينات .. انتقل في صباه إلى مدينة أمدرمان مستصحباً معه عوامل بيئية وفنية تحمل العديد من المشتقات الإبداعية التي رفدت فكره وقلبه بحب الفن غناءً ومسرحاً واطلاعاً.
جدير بالذكر أن أستاذنا (قدور) شأنه شأن المفكر الكبير عباس محمود العقاد والصحافي عبد الله رجب واللذان لم يتلقيا دراسات أكاديمية منتظمة. السر قدور وجد مالم يجده غيره من مقدمي البرامج التلفزيونية قبولاً وحباً وعطفاً. ثقف نفسه تثقيفاً ذاتياً وتربع على القلوب كأحد المثقفين العصاميين الذي بوسعه تفسير أعقد المسائل بتحليل مقنع إلى حد الذهول ولعل هذا المنحى جعل منه ممثلاً بارعاً يتنزل إبداعه على المتلقي برداً وسلاسة حين يتحدث أو حين يفسر أو عندما يكتب في مختلف قضايا السياسة والفن والثقافة.
الواقع يقول إن ثمة وجه شبه يجمع ما بين الشاعر والمغني عمر البنا والفنان الشامل السر قدور …
قدور يقول شعره ملحناً كما كان يفعل عمر ولهذا فقد جاءت معظم قصائد (قدور) في شكل (نظم) مغنى وليس شعراً مكتوباً في (كف) ملحن قد تلهمه الكلمات أو قد لا تلامس الاحساس .
أشتهر (قدور) بأن وحي الشعر عنده ليس مرتبطاً بزمان أو مكان .. لم يظهر السر قدور في الساحة الفنية مثله مثل كثيرين عبرت أشعارهم ولم تستوقف أحد. ومن ذكائه الذي يعد من محفوظات تجربته الرائدة أنه في بداية حياته الفنية أوائل الخمسينات تعرف على رموز الشعر الغنائي الحديث وشعراء حقيبة الفن نهل من اشعارهم وحفظها وسيرها وجودها وجرب ترديدها بصوته اتصل بالشعراء الكبار وصاحبهم واصطحبهم في امسياتهم ولياليهم العامرة بالغناء الخالد تعرف (قدور) على الشعراء إبراهيم العبادي وفاد كثيراً من مسرحياته الغنائية ومن نظمه للمطرب عبد الله الماحي والتقى الشاعر عبيد عبد الرحمن وسيد عبد العزيز وعبد الحمن الريح ومحمد عبد الله الأمي وشعراء شرق النيل الجاغريو وود الرضي. الفنان الشامل السر قدور اشتهر بثنائيته مع الفنان العبقري إبراهيم الكاشف اللافت حقاً في تجربته الفنية مواكبته للاحداث وللاحساس الوطني فقد شدى المطربون برائعته (أرض الخير) وتقاسم معه الفنان ترباس أداء العديد من الأغنيات على سبيل المثال أغنياته (نسيم شبال) وياريت وغيرهما من أغنيات في مكتبة الإذاعة السودانية لا يسع المجال ذكرها.
من هو قدور؟ سؤال وجب أن نوجهه لأعضاء فرقة (أغاني وأغاني) هل استفادوا من تجربته؟ هل تدربوا على الحديث كحد ادنى لمطلوبات بالضرورة أن تكون من متلازمات الفنان؟ هل فكروا يوماً في الاهداف التي ينطلق منها قدور عبر (مختارات غنائية) اختيرت بعناية فائقة لتعبر عن ماذا؟؟ أم هل بامكان قناة النيل الأزرق أن تصرف النظر عن (الطاقم) المكنكش الذي ما عاد له اثر باق حتى ظهور اصوات جديدة ربما تطيح بالواحد تلو الآخر عدا المطرب حسين الصادق !؟
أحمد الصاوي- الوان