حسن مكي: لو مات جمال عبدالناصر مسموما لأكتشف الأطباء السوفيت ذلك
مصطفى محمود: سمعت النميري يقول إن عبدالناصر مثلي الأعلى وأبي الروحي
إسماعيل الحاج موسى: هذا كلام سخيف.. ومجلس ثورة مايو أغلبه من القوميين العرب المعجبين بعبد الناصر
حافظ إدريس: ربما تعرض عبدالناصر لحالة تسمم بالسودان بايعاز من الموساد
لم يكن يتوقع أكثر الأشخاص تشاؤما أن تهوى تلك التهمة الشنعاء التي ظلت تحوم فوق رؤوس البعض بينهم الرئيس الراحل أنور السادات لزمان طويل فوق رأس الرئيس الراحل جعفر نميري. وفي توقيت لم يتوقعه أحد خرج أحد قادة حركة فتح الفلسطينية ليوجه أصابع الاتهام صراحة إلى الرئيس نميري بالمساهمة في قتل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالسُم..
تحقيق: علي الدالي: فاطمة غزالي
اتهامات بغيضة
ورغم أن رئيس الجمهورية الأسبق جعفر نميري، كان يحظى بود كبير وسط المصريين نتاجا لموقفه المساند لأرض الكنانة خلال مرحلة محنتها والعزلة التي عاشتها بعد إعلان الدول العربية مقاطعة مصر دبلوماسيا في عهد السادات عقب الزيارة الشهيرة التي قام بها الأخير إلى الكنيست الإسرائيلي وتوقيعه اتفاقية السلام، فالعزلة التي استمرت حتى العام 1987 ونقلت بموجبها الدول العربية جامعتها من مصر إلى تونس، كان االسودان هي الدولة العربية الوحيدة تشاركها سلطنة عمان بقيادة السلطان قابوس هي التي وقفت موقفا مغايرا لقرار العرب ومسانداً للمحروسة. وبالرغم من هذا الموقف التاريخي إلا أن أصابع الاتهام البغيضة الخبيثة كما وصفها المحلل السياسي محمد عثمان نوري أشارت إلى تورط الرئيس نميري في مقتل جمال عبدالناصر، وأضاف نوري في حديثه معنا قائلاً لعل الاتهام الذي صدر في تصريحات المدير السابق للدائرة السياسية في حركة فتح الفلسطينية المجلس الثوري عاطف أبوبكر في لقائه الأخير مع العربية نت هو اتهام ناتج من إسقاطات نفسية تتعلق بمن أصدرها تجاه الرئيس الراحل جعفر النميري، المتهم بترحيل الفلاشة إلى إسرائيل عبر الأراضي السودانية فالرجل ـ أي أبوبكر ـ لم يوجه اتهاماً صريحاً لنميري والقيادي الفلسطيني رئيس المجلس الثوري صبري البنا المعروف بـ(أبو نضال) فحسب بل عدد من الأسئلة التجريمية على شاكلة هل تعرض الرئيس عبدالناصر إلى تسمم خلال آخر زيارة سجلها للسودان؟ وقف فيها على المعرض الذي أقامه أبو نضال (غنائم الجيش الإسرائيلي) عبر اهدائه مسدساً مسموماً، وهل للرئيس النميري دوراً في ذلك؟ أسئلة ربما هي التي أرادت أن تدس في ثناياها السًم في دسم العلاقات السودانية المصرية وتبعث في نفوس محبي الراحل جمال عبدالناصر كثيرا من الشكوك بعد أن كانت العلاقة بين مناصري الرجلين أكثر من أن توصف بانها سمن على عسل.
أيادي الموساد حاضرة..
في رحلة بحثنا عن حقيقة الاتهامات الصريحة التي وجهها أبوبكر جلسنا إلى القيادي في الحزب الناصري حافظ إدريس والذي استبعد أن يكون للنميري دوراً في تلك الواقعة، لكنه في ذات الوقت قال ربما دس سُما لعبد الناصر داخل السودان، لكن لا اعتقد أن للنميري دور في ذلك.. وواصل حديثه لنا قائلاً ربما تعرض عبدالناصر لعملية تسميم داخل البلاد خلال آخر زيارة له للسودان، بيد أنني لا استبعد تورط المخابرات الإسرائيلية والأمريكية في هذا الأمر بعيداً عن أيادي وعلم النظام لأن االسودان بلد مفتوح، وكل شيء وارد.
إفك سياسي
بيد أن القيادي والقطب الناصري المعروف مصطفى محمود، رجح في حديثه معنا أن أمر اتهام أبوبكر لنميري وأبونضال لا يخلو من غرض وأجندة وإفك سياسي، وقال إن الاتهام هو مجرد تصفية حسابات من قبل أبوبكر مع القيادي الفلسطيني أبو نضال في إطار الصراع الفلسطيني الفلسطيني اقحم فيه السودان عنوة دون أية أدلة أو أسانيد وربما لم يجد هذا الشخص النكرة المُسمى بأبي بكر، من المواضيع ما يرفع من مقامه غير إثارته المتأخرة لوفاة الزعيم جمال عبدالناصر، واتهام النميري والسودان بوفاته عبر دسم السُم له، وأراد أن يلفت الأنظار إليه بهذه الاتهامات التي لا تستند لأية أدلة ولا براهين وذهب محمود إلى أن الاستهداف المخابراتي عبر الموساد والمخابرات الأمريكية لعبد الناصر قديم ومرتبط ارتباطا كبيرا بالقضية الفلسطينية التي مات عبدالناصر من اجلها عقب تدخله المباشر في إجلاء أزمة أيلول الأسود التي اندلعت فيها الحرب بين الأردنيين والفلسطينيين، مشيراً إلى العلاقة الوطيدة بين الرئيسين المصري والسوداني في ذاك الزمان، وقال إن عبد الناصر ولفرط ثقته في النميري اوعز إليه التدخل في حل الأزمة الفلسطينية الأردنية والعمل على فصل القوتين المتحاربتين والوصول إلى تهدئة بين الجانبين، وأضاف قائلاً إنه شخصياً سمع النميري يقول إن الزعيم جمال عبدالناصر هو مثله الأعلى علاوة على حب السودانيين المفرط لعبد الناصر يجعل من اتهامات عاطف أبوبكر هي مجرد ترهات لا تستند على منطق.
ويؤكد محمود أن نميري كان على استعداد على الدوام بأن يفدي بروحه وليس دل على مخاطرته بنفسه لإخراج ياسر عرفات من الأردن إبان أيلول الأسود استجابة لرغبات عبدالناصر، وكما قال القيادي الناصري مصطفى محمود إنه سمع النميري يقول إنه يعتبر عبدالناصر أباه الروحي.
تهريج
بينما استبعد المحلل السياسي الإسلامي بروفيسور حسن مكي هذا الاتهام واعتبره يناقض واقع المشهد السياسي في تلك الفترة، وقال إن أبا نضال نفسه كان يعمل في السودان في مكاتب حليفة للرئيس المصري جمال عبدالناصر، وأضاف قائلاً كان يعمل أبونضال مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والرئيس العراقي السابق صدام حسين، واستبعد حسن مكي بشدة مسألة أن يكون أبونضال عميلاً لإسرائيل لأنه يعمل مع دول لا علاقة لها بإسرائيل، وقال مكي معلوم أن جمال عبدالناصر كان مريضاً ويعاني من الروماتيزم وكان يتعالج في الاتحاد السوفيتي، ومضى قائلاً ولو
كان مسموماً لأكتشف الأطباء السوفيت السُم في دمائه، ووصف بروفيسور حسن مكي حديث عاطف أبوبكر المدير السابق للدائرة السياسية في حركة فتح – المجلس الثوري وصفه بالتهريج، وقال ما قاله مجرد دعاية ومحاولة للفت الأنظار.
كلام سخيف
واستنكر دكتور إسماعيل حاج موسى القيادي المايوي الاتهامات التي وجهها أبوبكر الفلسطيني، وقال بغضب “هذا كلام سخيف” وسخر من تحليل أبوبكر وقال إن المعطيات التاريخية تنفي اتهام نميري بتسميم عبدالناصر، وقال حاج موسى إن ثورة مايو وتكوين تنظيم الضباط الأحرار كان معجباً بجمال عبدالناصر، وأضاف قائلاً بعد خلاف الشيوعيين بسبب أحداث ١٩٧١ فإن أغلب قيادات مايو من القوميين العرب أمثال زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر وأبوالقاسم هاشم الذين كانوا يحبون جمال عبدالناصر زعيم القومية العربية، واستنكر وصف أبونضال بالعمالة بإسرائيل وتسميم عبدالناصر لكون جمال عبدالناصر دعم النضال الفلسطيني والعمل الثوري، وقال حاج موسى من شدة إعجاب مجلس ثورة مايو بعبدالناصر زار الرجل السودان ثلاث مرات، وختم حديثه بقوله هذا سخف وهذا الرجل يريد أن يسيء للسودان.
التيار