* في غمرة اعتزازنا المشروع بذواتنا وجنسيتنا؛ وتهليلنا الدائم لفتوحاتنا الخارجية وإضافاتنا النوعية هل بمقدورنا الوقوف مع أنفسنا ومواجهتها بحقيقة أن مياهاً كثيرة جرت تحت جسر الصورة التي كانت مرسومة مسبقاً للشخصية السودانية، فازدادت عندنا جرائم النصب والاحتيال والدجل والشعوذة وخداع الشيوخ وغش الأمراء، وتضاعفت أسماء قوائم السودانيين المطلوبين للعدالة بالخارج؛ وحفلت حتى بمن نصنفهم بالداخل ضمن قائمة رجال الأعمال وأهل البر، مع أننا جميعاً نعلم بأن أكثرهم مطلوب القبض عليهم حالاً وينبغي أن يمثلوا أمام القضاء ..!!
* تمتد منذ فترة أيادي النصب من قبل بعض أبناء بلادي بالخارح لتعبث بالصورة المنحوتة في ذهن العالم عن السودانيين.. يفعل أولئك الباحثين عن الدولار بشتى طرق الاحتيال ما يجعل المرء يتمنى لو أن الأرض قد انشقت وابتلعته قبل سماع قصصهم ناسين أن الإجماع الاحتفائي بالشخصية السودانية من قبل مختلف الجنسيات لم يحدث صدفة.. كان هناك – ولا زال – رُسل مشرفون خرجوا من عندنا قبل عشرات السنين وعكسوا وجهاً (يفتح الوش) من خلال طريقة التعامل، وصدق الأحاديث، وصون الأمانات، والشهامة في المواقف، والنبل في المعاملات .
* أشرنا من قبل إلى أن دور الرعيل الأول من المغتربين السودانيين لم يقف عند المساهمة في بناء الوطن عبر ما يدفعونه من (ضرائب سنوية)، أو ما يقدمونه من دعم ملموس لمرافق الصحة والتعليم بمناطقهم.. لم يقتصر إسهام أولئك النفر الكريم في تحسين أوضاع أهلهم الاقتصادية وتجميل المدن والأرياف بإضافات عمرانية غيّرت شكل معظم المناطق بالسودان.. قدم المغتربون الأوئل بحسن خلقهم وصحيح تربيتهم وبفطرتهم السليمة أدواراً دبلوماسية وجهوداً شعبية لا تقدر بثمن إطلاقاً لترتبط الشخصية السودانية بأفضل الصفات وأنبلها عند كل من نال شرف التعامل مع السودانيين في (بلاد الله الواسعة)..!!
* الحقيقة المُرّة أن الواقع الآن تغير؛ والأشياء لم تعد هي الأشياء.. وبات سيء الحظ من يقع في قبضة التعامل مع سوداني (إلا من رحم ربي) ..!
* الصورة الذهنية عن السوداني والانطباعات التي غرس رعيل الاغتراب الأول أوتادها في باطن الأرض تبدلت تماماً، ونحن بدلاً عن مواجهة الحقائق بالتدقيق في (السيرة الذاتية) للمسافرين وحسم المتفلتين والمشوهين والعابثين نتخندق للدفاع بـ(المكابرة)..!!
* الآن يجب علينا مراجعة سيرة بعض أبناء بلدنا بالخارج، وينبغي أن نكف قليلاً عن التصفيق فقد اتسعت رقعة خطر الدجل واستشرت أورام النصب السرطانية وامتدت مساحة الحريق و(إزدادت “العمم” التي تحترف النصب على القريب قبل البعيد، وعلى الصديق قبل العدو، وعلى المستثمر قبل المقيم ببلد شقيق).
نفس أخير
* نخشى على (العمة) من ضياع المصداقية وفقدان الذمة ..!