حفل مقالنا المنشور هنا أمس السبت، والمرفوع إلى معالي رئيس الجمهورية، بشأن تدارك أمر الزراعة على افتراض أنها السبيل الطبيعي للخروج من كل أزماتنا الحياتية، حفل المقال بتداخلات عديدة مثمرة من بعض النخب والمهتمين بأمر التنمية الاقتصادية، فعلى الأقل إن حجم ونوعية المشاركات تؤكد أن النخبة والجماهير تعرف الطريق وتدرك أبعاده، وتملك بعض رؤى جادة لتجاوز معوقاته و.. و..
* شاطرنا الكثيرون بأن أزمة الزراعة تكمن في (التمويل والإرادة) توفير تمويل ميسر مع توافر إرادة قوية من قبل الدولة، وذهب البعض إلى أن عامل التمويل يمكن تجاوزه بقليل من الجهد سيما في ظل تحسن علاقاتنا الإقليمية، غير أن العقبة الكؤود تظل تكمن في توافر الإرادة الحكومية، ويتساءل آخرون عن ماهية هذه الإرادة !! التي لعمري لم تكن إلا الهمة القوية والرغبة الأكيدة المقرونة بالفعل.. أرأيتم يوم أن قررت الحكومة استرداد مدينة هجليج النفطية من أيدي التمرد؟ أرأيتم ماذا فعلت؟ رسمت في بادئ الأمر خطة عسكرية عاجلة، ثم أخذت رئاسة الجمهورية الأمر مأخذ الجد، فعلقت كل الأولويات وجعلت كل موارد الدولة تحت تصرف الجيش، خرجت القوات المسلحة بأصلب عناصرها لتحقيق هدف واحد هو تحرير مدينة هجليج وﻻ شيء غير التحرير، ماذا كانت النتيجة!! هجليج حرة أبية في ظرف ثمانٍ وأربعين ساعة، ذلك بفضل الله ثم بعزيمة وإرادة الدولة وتصميم الجيش و..
* يمكن أن تتكرر الإرادة ذاتها في مشروع الجزيرة كنموذج للمشاريع العملاقة المتعثرة، فهل سمعتم أن الحكومة الاتحادية قد خصصت جلسة واحدة كاملة للبحث في أمر بعث مشروع الجزيرة، فضلا عن نزولها إلى أرض المشروع قبيل احتدام الموسم، وهي تضع بين يديها كل سقوفات البنك المركزي ومعظم خبرات الهندسة والمككنة والبذور والري وخبراتنا وإرثنا الزراعي المتراكم و..
* حتى لا نظلم الحكومة فإنها، على الأقل، في فترات مختلفة قد شكلت بعض اللجان لدراسة أمر المشروع، ويذكر في هذا السياق لجنة دكتور تاج السر، أتصور أن أي لجنة من هذه اللجان قد قدمت توصيات مفيدة يمكن أن ترسم خارطة طريق، لكن السير في هذا الطريق يحتاج إلى بعض إرادة، القصة التي خرجنا لأجلها اليوم و.. و…
* ولما نضع بعض معالم في الطريق الزراعي من الحين للآخر، ليس لأننا عباقرة نأتي بما لم يقل به الأولون والآخرون، ولكن حرفية مهنة الصحافة تكسبك مهارة فك وتجميع خلاصة تجارب الآخرين، ومن ثم فن تقديمه في قالب جديد بعد إعادة إنتاجه، تصريحاتهم وتوصياتهم التي نسوها فأحصيناها عليهم، فبادئ الرأي من الإعراب في بوادي السودان يعرفون بعض الرؤى والحلول و.. و..
* غير أن الزراعة، كما أشار المتداخلون، أضحت منظومة علمية تحتاج تذليل وفك طلاسم حزمها التقنية لجمهور المزارعين، كما أن سقوط أي حلقة من حلقات هذه المنظومة يمكن أن يسقط الموسم بأكمله، والقصة تبدأ بالتحضير الجيد ثم التقاوى المحسنة والمتابعة والحصاد والتخزين والتسويق، ومن ثم جعل المزيد من الموارد تحت تصرف المشاريع الزراعية والمزارعين و…
* تحتاج إرادة الدولة بطبيعة الحال إلى تزامن إرادة الشعب وتفاعل جمهور المزارعين، وهذا يتم عبر تخصيص حوافز جيدة مع رفع (الرسوم المسيئة للزراعة)، يتزامن ذلك مع فرض ضريبة برامجية على قنواتنا وإذاعاتنا وصحافتنا، على أن تخصص أي وسيلة إعلامية على أقل تقدير عشرة في المائة من برمجتها لصالح الثورة الزراعية، فإذا كان رب البيت للدف ضارب فشيمة أهل البيت الرقص واللعب، فربما إذا ضربنا على وتر الثورة الخضراء أن يحمل بعضهم المعاول وينزلوا بها إلى الحقول.. حتى ﻻ ينطبق علينا قول شيخ العرب (ألهيلكم تمام فيها مابتنقلبو.. تعرفوا للقنيص ترعو وتعرفو تحلبو). وليس هذا كل ما هناك.