إذا فشلت نظريات الوزير مأمون حميدة وعملياته الجراحية في جسد الصحة وخارطة المستشفيات وتوفير الخدمات الصحية، أو اكتشف مؤخراً أن كل هذه النظريات غير صحيحة، فلا يجوز له – هو بالذات – أن يبحث عن شماعة تتحمَّل فشله أو يرمي بالمسؤولية على منتقدي سياساته.
لأن مأمون حميدة، ومنذ تعيينه وزيراً للصحة بولاية الخرطوم، لم يتواضع يوماً للاستماع إلى الانتقادات الموجهة له أو يقدم تنازلاً عن مشروع أو قرار اتخذه، بسبب الانتقادات أو تحت ضغط الصحافة والرأي العام.
الرجل يتعامل مع انتقادات الصحافة له بأعلى درجات الإهمال والتهميش، ويتعامل كذلك مع احتجاجات العاملين بالمستشفيات ومرافق الحقل الطبي بنفس أسلوب (الطناش) والإهمال..
وقد ظلت الحكومة وقيادة الولاية في الفترة الماضية تقف إلى جانبه بالكامل، وتمنح أفكاره ونظرياته وقراراته حماية وحصانة كاملة، جعلته يفعل كل ما يريد فعله، ولم يضطر للتراجع عن قرار من قراراته أو خطوة خطاها.
الرجل (أخد راحتو) بالكامل في موقعه التنفيذي، وكأنه ملك ملوك الصحة وسلطان زمانه وزمانها..
لم تُدلِّل حكومة الإنقاذ وزيراً في تأريخها مثلما دلَّلت مأمون حميدة الذي ظلت قراراته نافذة ورغباته محققة وطلباته (أوامر)..
فكيف نقبل من مثل هذا الوزير بعد كل هذا الدلال أن يأتي ويتهم صحفاً أو جهات محددة بتعطيل ثورته الصحية (المعظمة والمبجلة) والمحمية..
مثل هذا التبرير يمكن أن نقبله من وزير من النوع الذي يتنازل ويتراجع عن قراراته أو يتواضع ويستمع إلى منتقديه أو نسمعه من وزير من النوع الذي لا تحظى قراراته بأي حماية من الحكومة، لكننا لا نقبل هذا الكلام من مأمون حميدة بعد كل هذه (العواسة) التي تمَّت في الصحة.
إما أن تنجح ثورتك الصحية الافتراضية تلك، وتكون أنت فعلاً صانع ثورة تحديث في الصحة، وإما أن تتواضع وتقر بفشلك وفشل نظرياتك، وتتحمل مسؤولية ذلك الفشل وحدك.
مثل هذه الرسائل الإعلامية التي أطلقها مأمون حميدة واتهامه لبعض الصحف ونقابات العاملين بالعمل على إفشاله وتعطيل ثورته الصحية، هي رسائل موجهة منه للوالي الجديد بمثابة مذكرات شفاعة واستئناف وتبرير..
لكنها يجب أن تكون غير مقبولة.
وأذكر في أيام حكم المتعافي للولاية كانت هناك قضية تتعلق بمواصفات تنفيذ بعض الطرق الداخلية في ولاية الخرطوم، وحين سُئل المتعافي في أحد المؤتمرات الصحفية عن شارع الجامعة تحديداً، الذي امتلأ بالحفر والمطبات والتشققات بعد وقت قصير من إعادة رصفه وتجديده، رد المتعافي عن السؤال بكل ثقة، وقال: إننا وبعد أن طالبتنا الصحافة وكثُر الحديث عن ضرورة إعطاء شركات الطرق السودانية الوطنية فرصة وأولوية في عطاءات العمل ورصف الطرق، كان تنفيذ شارع الجامعة تحديداً قد تمَّ بواسطة شركة هندسية سودانية، وهذه هي النتيجة.. فلا تسألوني عن شارع الجامعة..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين