شكراً يا ناس الكهرباء

أسمى آيات الشكر والتقدير أبعثها للقائمين على أمر الشركة السودانية لتوليد وتوزيع الكهرباء على الخدمات الجليلة التي قدموها لنا طوال شهر رمضان الكريم. وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتهم بمختلف مناصبهم ومهامهم، وعلى رأسهم الوزراء الأفاضل!!
فقد ساهم المذكورون أعلاه في مساعدتنا على اكتشاف معدلات صبرنا المرتفعة جداً.. بعد أن أخضعونا عملياً لاختبارات قدرات متوالية و(مبرمجة)، ولم يتركوا لنا أمامها سوى خيار الصبر والاحتساب.
وكانوا مشكورين قد قدموا لنا عرضاً رمضانياً نهارياً مميزاً، إذ أصبح بإمكانك الاستمتاع بخدمة (الساونا مع الصيام) مجاناً مقابل تعريفة الدفع المقدم التي تكفلنا بدفعها سلفاً.
إضافة لممارسة رياضة تحريك الهواء المحلية التي تعرف بـ (الهبيب) وتستخدم فيها الصحف والمجلات ومشغولات السعف الوراثية المسماة (هبابات)، وأصبح بإمكاننا الآن خوض بطولات دولية وحصد ميداليات ذهبية!
كما فقدت العديد من السيدات الباحثات عن الرشاقة عدداً من الكيلوجرامات بسبب برنامج إذابة الشحوم باستخدام درجة حرارة الصيف القائظ دون تكييف!
أما ليلاً.. فنشكرهم الشكر الجزيل على الدروس التاريخية التي قدموها لنا، إذ اختبرنا عملياً نوع الحياة التي كان يحياها أجدادنا القدماء قبل إكتشاف الكهرباء العزيزة، فأدركنا البعد الحقيقي للنعمة التي نتمتع بها لبعض ساعات خلال اليوم.
كما أنهم زادوا أرواحنا صفاءً وتقوى.. إذ درجوا على تذكيرنا بظلمات القبور ووعيدها.. فطفقنا نمعن في الاستغفار، ونسأل الله أن يكفينا شر ذلك الوعيد. وأدركنا المعنى الحقيقي لفضيلة إخراجنا من الظلمات إلى النور بمعناها الواقعي المجرد كلما تفضلوا علينا بإعادة التيار والحمد لله.
وإني لأرجو من الجميع أن ينظروا للقطوعات الكهربائية التعسفية غير المبررة، ولا مفهومة وفق برمجة غير معلنة بمنظور إيجابي.. فقد عدنا لحلقات السمر تحت ضوء القمر.. وتعرفنا على أفراد أسرنا أكثر.. وعقدنا علاقات وطيدة مع الباعوض ليلاً والذباب نهاراً، وتخلصنا من كميات مقدرة من السموم بفعل التعرق!
وللعلم.. فإن حنقنا وسخطنا واستفساراتنا وتساؤلاتنا وتعليقاتنا ومراسلاتنا وكتاباتنا وشكوانا لا تعني أهل تلك الشركة من قريب أو بعيد.. ولا يلزمهم توضيح أو اعتذار.. ويعتقدون أن سياسة (التطنيش) والمراوغة هي أنجع أساليب التعامل معنا كعملاء مستهلكين ومستنزفين مادياً!
ويسخرون منا ويستخفون بعقولنا كلما اتصلنا برقم خدمة العملاء مدفوع القيمة 4848 الذي نظل مصلوبين على عتبات انتظاره لمدة طويلة قبل أن يتكرم أحد الموظفين بالرد عليك، وهو لا يملك معلومة مفيدة، ولا يمكنه أن يقدم لك خدمة جليلة!
كل هذا ونحن لا نملك من أمرنا سوى السباب والشتائم والدعاء عليهم، فنحصد السيئات، ويرتفع في عروقنا معدل ضغط الدم وتغلي مراجلنا الداخلية، وهم يتمتعون بنقودنا وبالهواء العليل!
ولشد ما أعجبني تصرف ذلك المواطن الحكيم الذي حالما انقطع التيار الكهربائي في منزله نهاراً، وبدأ أطفاله الصغار يعانون من ارتفاع درجة الحرارة ويذرفون الدموع.. بينما يكابد هو عطش الصوم وسخانة الجو.. عمد فوراً لحمل فراشه وتوجه لأقرب مكتب تابع للشركة السودانية للكهرباء وافترش أرضية المكان هو وأبناؤه لينعموا بـ (التكييف) والتيار المستقر.. وطفق يقرأ بكل هدوء في مصحفه الشريف بينما يلهو أطفاله بالقرب منه.. وهو تصرف لاغبار عليه كونه قد التزم مسبقاً بتعريفة كهرباء الدفع المقدم وإيجار العداد الذي امتلكه من قبل ورسوم المياه التي سنعود لها لاحقاً.
ترى.. كيف يمكننا أن نوظف تلك القطوعات بشكل إيجابي أكثر؟ أقترح على القائمين على أمر (الشركة السودانية لقطع الكهرباء) أن يزيدوا ساعات القطوعات في إطار تعميق صلة الرحم، إذ أننا سنبدأ في تتبعها عبر الأحياء وتبادل الزيارات مع أهلنا المتمتعين بها.. كما أرجو أن يفكروا جدياً في تقديم خدمة (قطوعات العائلة والأصدقاء) لتوحيد القطع وجدانياً.
وعقد شراكات مع شركات الاتصالات لبث الرسائل الجماعية (قاطعين وين؟) لتحديد القطوعات جغرافياً ومنحنا فرصة التحرك نحو منطقة أخرى.. أو أقترح عليهم أن يضيفونا لقروب على الواتس آب يحمل اسم (قاطعنكم ومكلمنكم) ونحن ساكتين!
تلويح:
أقترح إقامة دوري القطوعات الثقافي، فقد اكتشفت العديد من المواهب في التذمر والردحي والدعاء حالما انقطعت الكهرباء!

Exit mobile version