يقول بيت الشعر القديم: “وعينُ الرضا عن كل عيب كَلِيلَة/ وعين السخْطِ تُبدى المساويا”، فالعين التي عن كل عيب كليلة يقابلها المثل الشعبي القائل: (القرد فى عين أمو غزال). أما (ود الفراش) شاعر بربر فقد نظر إلى محبوبته في البداية نظرة الرضا التي عن كل عيب كليلة ثم عندما اختلف معها نظر إليها بعين السخط التي تبدي المساويا فقال: “بعد ما كُنتي زايطة متل سيدي الخليفة إن جيتي فايتا كَتَرْتِي المساخة بقيتي شَايطَة تشابهي الكِلِجَة ال بالحَجْرَه بايتة”. والكلجة ثمر منفوخ أسود يكثر في زمن فيضان النيل ولا فائدة منه، حيث لا تأكله حتى البهائم، والحَجْرَة هي شاطئ النيل.
بَخَرْنَاكْ بالشب واللبان
يمضي ود الفراش سادراً في شعره فيقول: “بعد ما كنتي زينة بفاشيبك بنات عرب الجِهينة/ كترتي المساخة بقيتي شينة/ زي العُشَرَة في وسط الجنينة”.
أهلنا زمان كما وثّقنَا في حلقات سابقات كانوا يفضلون الولد على البنت فلما يمرض يولِعوليهُو بخور الشب واللبان في المُبْخَر ويقولوا: “بَخَرْنَاكْ بالشب واللبان/ عَزَايمْ الله والرحمن”، يغتُوهُو بي بطانية ولاّ توب لغاية ما يعَرَقَ ْويدعون له قائلين: “يا عين يا عَنِيَة/ يا خَرَابْتَ العامرة المَبْنِيَة/ إن جيتي الصباح تخَرْبِي المِرَاحْ/ إنْ جيتي العَشِيَة تخربي السَعِيَة/ اطلعي من ولدنا وامشي من بلدنا/ عين أمك وأبوك متل الرَكْبَ الصادَفوك/ عين الراجل فيها مَنَاجِلْ/ عىن الفَتَا فيها واطَا/ عين العَزَبَا فيها قصبة/ عين العَانِي شَرَا مِتْدَانِي/ عين الحسود فيها عود/ عين الصبي شرا غَبِي/ عين العجوز تَقِدْ الدَزْدُوزْ”.
طبعا الشب لما تَهَمِدْ النار بِيِتْشَكَلْ ويِتْنَفِخْ يجن النسوان يشّرعَنْ يشيلن ويقَلَبْن فيهو واحدة تقول شوف عيني الساحرا الولد مرا وتجي تانية وتالتة ويَقْعَدْن يِتْغالطن مرا راجل راجل مرا وحِبَيْبِي مسكين مخلوع وما قادر يتنفس الحمد لله الشغلة دي وكثيرات زيها انحسرت وبقت مجرد قصص ونادرا ما تحصل، فالكل أصبح واعيا.
عينان ونونان
وعن العيون غنى الكاشف: “العيون البيض لو صفن يجرحنك ويتلاصفن مرة نظرن لي أوجفن شالوا نومي ولي ماخفن/ عيون حبيبي هن يسوقو الزول للمجون” وقول الشاعر: “إن العيون التي في طرفها حِوَر قتلننا ثم لم يحيين قتلانا/ يَصْرَعْنَ ذا اللُب حتى لاحِراكَ له/ وهُن أضعف خلقِ الله إنسانا”.
أما أهم لغز عن العيون، فهو في قول الشاعر: “عينانِ في كل عين من العينين نونان وفي كل نون من النونين نونان”، وكلمة العينان الأولى ترمز لعيون الماء ونونان ترمز للحوت لأن كل حوت له نونان، وهي الفتحة التي يدخل بها الضوء للحدقة وتسمى نون العين وفوق كل ذي علم عليم دعونا أولا نتناول إحدى الأغاني اللبنانية، وهي تشرح نفسها بنفسها: لامونِي اللِي غارُو مني قالُولِي ايشْ عاجبك فيهاقلُتْلِهْمُ ْ ياللِي لايْمِنِي خُدُوا عيني شُوفُوا بِيها..
والمصريون يقولون: “العينُ صابَتْنِي وَرَبُ العِزَه نَجَانِي” هذه المقولة غالبا ما تلقاها مكتوبة في استيكر ومُلَصَقَة بالداخل في الحافلات والبصات وفي البقالات وأماكن كثيرة، وهي تؤكد أن المصريين يوّمنون بالسحر، وفي أغانينا غنى الكاشف أغنية (عيوني وعيونك أسباب لوعتي).
عيون الحقيبة
ومن أغاني الحقيبة “أنا ما معيون أزاي ودوايا خدود وعيون” و”لحظك الجراح أزايا فيهو وفيهو الفرح والراح مُنايا بهجة الأرواح”، أما الشاعر إبراهيم الرشيد فأبدع في شعره متجاوزا الممكن للمستحيل حيث قال للحبيب “شيل باقي عمري شيل حياتي وشيل عينَي”، وأضاف الفنان إبراهيم عوض بعدا آخر بترديده لهذا المقطع مرات ومرات، وهذا أبدع فيه المؤلف، حيث قال: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء، كل ذلك من النظرة
اليوم التالي