عبد الله دينق نيال: قرار تمديد ولاية سلفاكير لثلاث سنوات غير شرع

قبل أيام قليلة مرت الذكرى الرابعة لانفصال جنوب السودان، ففي التاسع من يوليو عام 2011 قرر الجنوبيون بعد استفتاء على أن تكون لهم دولتهم المستقلة عن الشمال، بعد مبررات كثيرة في هذا الأمر، وكان الشعب الجنوبي يحلم بدولته المستقلة، لتقضي الحرب على مدى أربع سنوات على آمال هذا الشعب الطموح، مرت ذكرى الانفصال دون أن يشعر بها كثيرون فالأحداث بالدولة الوليدة دفنت المناسبة وسط جثث ودماء ودمار شامل، لتأتي حكومة الجنوب وتعد حفلا رسميا بالذكرى، ويتعجب القريب قبل الغريب على هذا الاحتفال ودماء الجنوبيين تسيل لتروي الأرض التي تحولت إلى خراب بدلا من تفجير ينابيع الخير لبلد مليئ بالموارد الطبيعية، حولها أبناؤها إلى ساحات معارك في وقت كان ينتظر فيه العالم كله مساحات للأمل والتنمية في الدولة الوليد.. وعلى حطام الذكرى التقينا أحد أبناء الجنوب القيادي المعارض البارز عبدالله دينق نيال ليحدثنا عن الأوضاع في الجنوب، وقفنا معه على آخر المستجدات بجوبا، تحدث الرجل بلهجة بائس من الأحوال، حزين على ما آلت إليه بلاده، ورغم فقدان الأمل بدا متفائلا بمستقبل ربما يكون مختلفا، ولكنه رهن ذلك بمطلب وحيد وهو تحقيق سلام شامل وعادل قبل أي شيء. وفي ما يلي نص الحوار مع عبد الله دينق نيال.
* بداية ما تعليقك على الاحتفال الرسمي الذي أقيم في جوبا بمناسبة أعياد الاستقلال؟
– الاحتفال معناه الأفراح والسعادة، وهذا عكس الواقع، فالجنوب مليئ بالقتال والدماء والجماجم والنزوح، ولذلك لم أر لهذا الاحتفال سببا، وكان على الرئيس أن يخاطب الشعب بهذه المناسبة بأن يكتفي بخطاب من مكتبه يبث عبر الإذاعة والتلفزيون، ويوفر على البلاد هذه المليارات، وشبح المجاعة منتشر والمآسي تخيم على الجميع، وليس هناك أي حالة للفرح.
* ولو كنت بجوبا ووجهت لك الدعوة لحضور هذا الاحتفال فهل كنت ستحضر؟
– لا.. فليس هناك ما يدعو للاحتفال.
* وفي تقديرك لماذا احتفلت القيادة بالجنوب رغم أن الحالة غير مناسبة لاحتفال؟
– هو مجرد تغطية على حالة البؤس والشقاء التي تعانيها البلاد.
* وماذا تقول في حضور ممثلين لدول الجوار للاحتفال؟
– بالعكس كان الحضور ضعيفا جدا، ولم يحضر رؤساء دول الجوار فعلى ماذا يحتفلون؟
* حضر موسيفيني؟
– موسيفيني لديه مصالح بالجنوب.
* وماذا تقول في ذكرى انفصال الجنوب؟
– البلد في حالة حرب والشعب مشرد ما بين لجوء ونزوح ومجاعة، والعيد ليس عيدا، الجنوب في حالة بائسة، وهناك فشل في الإدارة ولا توجد رؤية والفساد منتشر، وهذا ما أدى إلى الوصول بالجنوب إلى هذه الدرجة، واذا استمرت الأوضاع على هذه الدرجة فستختفي الدولة نفسها، ولا توجد حياة سياسية بالجنوب في ظل هذه الحرب الطاحنة، البلد تُحتل وتستعاد وهكذا، وصوت السلاح هو الأعلى الآن، وهذه هي الكارثة، والأطراف المتصارعة مازالت بعيدة عن تحقيق السلام، ونحن نؤيد أي جهود لتحقيق الاستقرار، ولا نضع أملا كبيرا في أي جهود، ولكننا نشجع أي محاولات في سبيل البحث عن مخرج، فنحن كالغريق الذي يتعلق بقشه.
* هل قرار تجديد ولاية سلفاكير ثلاث سنوات لرئاسة الجنوب شرعي؟
– بالتأكيد هذا قرار غير دستوري، وقلنا ذلك نحن ومجموعة الأحزاب بالجنوب، وذكرنا لهم أنهم إذا لم يتمكنوا من إجراء انتخابات في هذه الظروف، فعليهم أن يجمعوا جميع القوى الجنوبية من أحزاب وقوى مجتمع مدني وغيرها في مؤتمر شعبي يضم الجميع وهي التي تقر مطالب الدولة بتحقيق السلام أولا، وبعدها نرسم لفترة انتقالية ونحدد نقاطا معينة لهذه الحكومة.
* مقاطعة ولكن قرار التمديد جاء من البرلمان؟
– البرلمان نفسه انتهت فترته وهو غير شرعي، برلمان أمر واقع وكذلك الحكومة.
* هذا حديث رياك مشار؟
نحن قلناه قبل مشار، وهناك مذكرة مكتوبة بذلك أعلناها في مؤتمر صحفي بجوبا.
* إذن، أنتم تؤيدون مشار؟
– نحن نقول رأينا اتفق معنا مشار اتفق…
* وماذا فعلت الحكومة بعد اعتراضكم؟
– (ضحك).. عدلوا الدستور.
* وما رأيك في اتهام الولايات المتحدة لطرفي النزاع بانتهاك حقوق الإنسان بالجنوب؟
– هذا أكبر انتهاك لحقوق الإنسان…
* (مقاطعة) من الطرفين؟
– نعم من الطرفين، فهناك عنف وعنف مضاد وارتكاب مجازر وقتال ودماء.
* هل يمكن أن تنجح مجموعة العشرة بقيادة باقان أموم في جسر الهوة بين الطرفين؟
– نتمنى أن ينجح باقان ومجموعته، وأن يفعلوا شيئا يقدمنا للأمام.
* وما هو دوركم كأحزاب في هذا الأمر
– نحن مكبلون، كل ما نستطيعه أحاديث داخل دور أحزابنا.
* هل تمارسون حياة سياسية بحرية في الجنوب؟
– لا نستطيع أن نمارس حياة سياسية بحرية.
* وماذا فعلتم حيال حظر سفر الدكتور لام أكول خارج جنوب السودان؟
– قلنا إن هذا الحظر غير قانوني وغير دستوري، وإن المحكمة هي الوحيدة التي تصدر مثل هذا القرار، وحظر لام أكول دليل على عدم وجود حياة سياسية بالجنوب.
* بالتزامن مع احتفالات الاستقلال بالجنوب تم ضخ عملات معدنية بفئة الجنيه والـ50 قرشا إلى أي مدى سيساعد ذلك في حركة التجارة بالبلاد؟
– قرار متأخر، وكان لابد أن يصدر منذ زمن، فلابد من وجود عملة معدنية، وعموما لا يوجد حل لقضية الاقتصاد بالجنوب إلا بالإنتاج، فليس لدينا أي صادر غير البترول وبه مشاكل هو الآخر، وإيرادتنا أكبر من صادراتنا، نستورد كل شيء وهذا وضع شاذ، وفي ظل الحرب لا يوجد إنتاج ولا يوجد اقتصاد بالجنوب.
* ريبيكا قالت في ذكرى الانفصال إن سياسيي الجنوب خذلوا شعبهم، ما رأيك في حديثها؟
– لم أسمع بحديثها، ولكنه قريب جدا مما نقوله فالوضع بالجنوب غير سعيد.
* هناك من يقول إن هناك جهات خارجية وراء ما يحدث بالجنوب ولا يهمها استقراره هل تؤيد مثل هذا الحديث؟
– المشكلة فينا، من الممكن أن يكون هناك جهات تكون لها مصالح بالجنوب، ولدينا محيط إقليمي له مصالح، أما الجزء الأكبر من المشكلة فعلينا، فلا يجب أن نضع أخطاءنا على الغير، 90% من المشكلة من صنع أنفسنا.
* هل ترى أن الخرطوم يمكن أن يكون لها دورا في الوساطة؟
– الخرطوم هي المؤهله عن غيرها للمساعدة في الوصول إلى حل بالجنوب، ولكن الاتهامات المتبادلة بين الخرطوم وجوبا هي التي تكبل الخرطوم، والقضايا المعلقة هي التي عكرت صفو العلاقة بين البلدين، وكان لابد من الانتهاء منها قبل الاستفتاء لأن ذلك كان سيساعد كثيرا في تطبيع العلاقات بينهما بشكل كامل، لكن هذه القضايا خلقت نزاع بين الدولتين، الخرطوم وجوبا تاريخ مشترك، ويستطيعا تحقيق أعلى قدر من تبادل المنافع والتكامل.
* وهل نجحت الإيقاد في حل الأزمة؟
– الإيقاد تقول إنها قطعت ثلاثة أرباع الشوط، ويتبقى لها ربع فقط، وهي اختلافات على السلطة، فالإيقاد يمكن أن تواصل في الوساطة، بدونها سيتم تدويل القضية وهذا غير مفيد.
* هل مازلتم كأحزاب سياسية بالجنوب تشاركون في مفاوضات الإيقاد؟
– الحكومة منعتنا من الوجود في المفاوضات، رغم أن الإيقاد قالت إن الحكومة والمعارضة المسلحة ومجموعة العشرة والمجتمع المدني والقوى الدينية والأحزاب السياسية شركاء في السلام جميعا، إلا أن الحكومة نقضت عهدها، ويمنعون سفرنا للمفاوضات، لتنحصر بين الحكومة وحملة السلاح وهم حزب واحد وهو الحركة الشعبية، وهذا عجيب وغريب أن يقرر مصير بلد بأكمله بيد حزب واحد.
* ألا ترى غرابة في تحول موقف الولايات المتحدة من الجنوب بعد الرعاية الكاملة والاحتضان إلى عداء وتهديد بالحرب؟
– الولايات المتحدة دولة عملاقة توهمت أنها تعرف جنوب السودان وتعقيداته، ولكنها تبينت الأمور مؤخرا بالجنوب، والعيب ليس في موقف أمريكا من الجنوب، ولكن الدولة هي الفاشلة في الجنوب ولذلك انتهى الحال من الحضن إلى جفاء.
* هل يمكن أن يثور الشعب في الجنوب بعد هذا الانهيار؟
– الشعب في الجنوب الآن لا حول له ولا قوة، وثلاثة أرباعه مابين مشرد ونازح ولاجئ وحيران، والبقية القليلة فئة ضعيفة، والوضع المتدهور لهذه الدرجة لا يمكن أن يخلق شيئا مفيدا.
* ماذا تطلب من طرفي النزاع بالجنوب؟
– أناشد الأطراف المتصارعه الوصول إلى سلام اليوم قبل الغد وأن يعودوا إلى رشدهم حتى لاتنتهي دولة الجنوب تماما.
* كنت أحد قيادات المؤتمر الشعبي قبل الانفصال هل لديكم علاقات بالشعبي الآن؟
– الأحزاب في الجنوب لم تعد أنفسها حتى الآن، فلم نسجل لأن الدستور جديد والأحزاب لم توفق أوضاعها، وعندما يتم ذلك ستكون هناك علاقات خارجية بما في ذلك أحزاب في السودان.
* بحكم التاريخ مع الأحزاب السودانية ألا توجد أي علاقة؟
– هناك علاقات اجتماعية بالتأكيد مع الأحزاب السودانية.
* ماذا تقول في النهاية؟
– الجنوب يمكنه أن يسير للأمام، فلديه موارد والمطلب الوحيد هو تحقيق سلام شامل عادل.
* وهل هذا سهل؟
– بالتأكيد ليس سهلا، هذا يحتاج إلى إرادة سياسية.
* سؤال أخير: هل أنت نادم على انفصال الجنوب؟
– لا أستطيع أن أقول ذلك

اليوم التالي

Exit mobile version