معاهد التعليم البريطانية: بوكيه زهور افتراضي!
نظرت إلى هاتفي، فرأيت فيه محادثة فائتة من رقم غريب!.
كعادتي، رجعت للرقم، فاستقبلت في الجانب الآخر صوتاً أفادني أن من يحدثني هو (خلود) من العلاقات العامة والإعلام بمعاهد التعليم البريطانية، وأنها متصلة إنابة عن مؤسستها لتشكرني على ما جاء ـ إيجابياً ـ بمقالي المنشور عن المؤسسة بصحيفة السوداني الغراء قبل أيام، وتعتذر عن التقصير الذي حدث منهم تجاهي!.
المحادثة جاءت على خلفية نشرنا مقالاً نوهنا فيه بتقصير واجهناه في أحد فروع المعاهد بشرق النيل، وتحسرنا فيه على درجة التقصير هناك!.
بنتنا (خلود) ـ التي في سن ابني الأكبر قريباً أو تزيد قليلاً ـ شخصية مجيدة لعملها، تنطلق من منصة الثقة الكبيرة في النفس، المكتسبة ـ من الواضح ـ من تربيتها وعلمها بمهنتها.
عند اتصالها أبديت تجاوباً وقبولاً للعذر وشكرتها ومؤسستها على حسن التجاوب، والأسلوب الراقي في التعامل، واحترامهم للإعلام .
لكنها لم تكتف بالمحادثة وأصرت على أن تزورني بمكتبي وتلتقي بي كفاحاً لتوصيل الاعتذار، ورغم إصراري على أنه لا داعي لتكبد المشاق فقد وصلت الرسالة وحققت المطلوب، تكبدت ابنتنا المشاق وشرفتنا بمكتبنا!.
بعد لقائها والاستماع لها والتعرف على طريقة عرضها، وجدت نفسي أمام جيل جديد من العاملين في مجال العلاقات العامة، جيل يحسن الدخول والتفاهم وشرح الموقف وتسويق الأفكار!.
فاجأتني بأنهم جاءوا ليعرفوا ماذا أرى لتطوير العمل عندهم!.
سبحان الله!.
لم تأت لتستعرض (عضلات) مؤسستها ولا (نفوذ) مديرها ولا لتلوّح لي بالغنائم حال تعاوني معهم والويل والثبور وعظائم الأمور حال عدم الإرعواء!.
يا للأدب!.
خبرتني أنني محق وأن مطالبتي بحقوقي سلوك محترم عندهم، وأنهم تحدثوا مع فرعهم مشيرين إلى أن منطلقي هو حرصي عليهم!..
جميل!.
يعني: كنتم تلطفون الجو بيني وبين فرعكم؟.
طريقة متقدمة في العلاقات العامة تنم عن تدريب متقدم يؤكد أن مؤسستها تضع الزبون هدفها الأول وتسير بخطى حثيثة صوب الجودة!.
بصدق شديد، احترمت المؤسسة التي تتعامل مع الإعلام بهذا الرقي واحترمت هذه (البنية) وإجادتها لملفها!.
عرضت قضيتي بلا مجاملة، وتنازلت عن حقوقي بكل أريحية، وسجلت نفسي صديقاً لمعاهد التعليم البريطانية، يعطيها ولا يأخذ منها، ويسندها ولا يرجو منها مقابلاً!.
في نهاية اللقاء كشفت لي أنها ابنة أخت صديق لي عزيز عندي وحبيب إلي، فثبَّتت ما توصلت إليه بصلات الأرحام التي تمتِّن الثقة وتؤكد الاحترام !.
قبل مغادرتها، وبعد تفهمها لطريقتي، قالت: إنها كانت تود أن تحضر معها بوكيه ورد إشارة لحسن الصلات!.
ضحكت وقلت لها: والله كانت ستكون مفاجأة، كنت سأعجز أمامها في اختيار الموقف السليم، أأخذه على هون أم أدسه في التراب؟، فنحن ما زلنا بعيدين عن هذه الثقافة، يا بنيتي!.
شكراً معاهد التعليم البريطانية وشكراً (خلود) ومزيداً من الذوق في العلاقات العامة !.
واعتبروا بوكيه الزهور بطرفنا (افتراضياً).
فتح الرحمن الجعلي
شكرا لك الاستاذ فتح الرحمن وانت دائما تسرد وتناقش مواضيع من واقع معاشنا اليومى لكن يا أستاذ لو لم تكن أنت الصحفى والاعلامى هل كانت ستكون الاستجابة سريعة والاعتذار اعمق وألطف . فقط أتمنى أن يكون هذا التعامل السائد فى مرافقنا الحكومية والخاصة بغض النظر عن من هو الشخص الذى يطلب الخدمة .