في الأول من الشهر الحالي انطلق العمل بأورنيك 51 الإلكتروني في كافة المعاملات المالية ، إلا أن الايام الاولى شهدت تعطلا كاملا في سير الإجراءات داخل دواوين الخدمة العامة، وعمل بعضها بـ(المجان) لعدم تطبيق النظام الجديد، وفي رصد الصحيفة لبعض المؤسسات لاحظت تكدساً وتذمراً من المواطنين لطول الصفوف وضيق زمن التحصيل واستنكر عدد منهم في السجلات التجارية بالخرطوم بدأ العمل يوم امس واغلقت الخزينة في الواحدة ظهراً رغم حملهم لاذونات الدفع، ووصفوا الموظفين بغير المهيئين لهذا العمل.
ويرى مراقبون ان تعميم استخدام التحصيل الالكتروني بجميع ولايات السودان والتي شملت المناطق التي لا يوجد بها اتصال بخدمة الانترنت بالتسرع والخطأ الكبير، محذرين من استمرار السلبيات التي صاحبت البداية، وتوقعوا حدوث اشكاليات في التحصيل، خاصة من جانب غياب شبكة الانترنت، وحذر فنيون من اختراق البرنامج والعمل على سحب أو إيداع أي مبلغ مالي.
واستنكر عضو مجلس ادارة اتحاد الغرف وامين عام غرفة المصدرين خالد المقبول انفاذ قرار التحصيل الالكتروني في وقت مبكر قبل تدريب الموظفين وتوفير الاجهزة والمعدات، وهذا من واقع الربكة التي حدثت في بعض مناطق التحصيل حسب منسوبينا الذين شكوا من غياب الشبكة وردائتها في بعض الاحيان، فهناك بعض الموظفين نعرفهم اخطرونا بارجاعهم عقب تبليغهم بالتدريب على هذه الاجراءات، والسبب غياب الشبكة وهذه قبل انطلاقة العمل بالاورنيك الالكتروني، ولفت إلى وصول شكاوى بتوقف الاجراءات والمعاملات التجارية في العديد من المواقع منها المحاجر، واشار إلى بدء العمل بها نهار امس، وطالب بتجويد الخدمة ووضع خطط لتلافي تلك الاخطاء، ولا بد من توجيه وزارة المالية للشركات بتجويد شبكاتها حتى يسير العمل بثلاثة.
انتقد نائب مدير لاحدى المصارف مفضلاً حجب اسمه ايقاف التعامل بالاورنيك الورقي، ففي حالة ادخال اي نظام جديد يتم العمل به جنباً إلى جنب مع النظام السابق حتى يتم ايقافه، مبيناً وجود خلل في الايام الأولى ورهن بتأثيره في مقبل الأيام اذا لم يتم معالجة الاخطاء والهنات التي صاحبت نظام التحصيل الجديد، فضلاً عن وجود اشكالات في العديد من مناطق السودان متمثلة في انقطاع التيار الكهربائي ورداءة الشبكات وكيفية ربطها خاصة بالولايات البعيدة عن المركز، واثنى على النظام الجديد بقوله اذا ما احسن التعامل معه سيحد من الاختلاسات والسرقة والتلاعب بارانيك التحصيل، وطالب بوجود غرفة طواريء لحل الاشكاليات العاجلة حتى يعتاد عليه الموظفين والمواطنين.
سلبيات وايجابات
قال الخبير والمحلل الاقتصادي د.عبد الله الرمادي ان مشروع التحصيل الالكتروني كمبدأ مفيد جداً ورائد وله ايجابيات كثيرة، وهو في طريق النهضة والتطور لمواكبة تكنولوجيا العصر، وبالطبع يقطع الطريق امام المنتفعين من بعض التنفيذيين الذين درجوا على مايعرف بالتجنيب والمعلوم ان مضاره كبيرة على الاقتصاد حيث يحرم الخزينة العامة من ايرادات كان ينبغي ان تصب بها، والحديث يعود للرمادي، فاصبحت تذهب لغير وجهتها الصحيحة، ويحول دون التحكم في الموارد من قبل القائمين على امر البرمجة والتخطيط.
ويواصل الخبير وبالمقابل له سلبيات كانت متوقعة لأنه نُفذ على عجل، وبهذه الصورة التي علمها الجميع، قبل التجهيز والاختبار، لذلك لم يكن مستغرباً ان تحدث مثل هذه الهنات، مردداً لابد من وضع الاختبارات والتجارب لمشروع كهذا في مجال او مناطق معينة حتى تظهر عيوبه ومن ثم تعمم لبقية الولايات، ووصف القرار بالفوقي والمفاجئ مما نتج عنه حرمان خزينة الدولة من اموال طائلة في الايام الاولى لتطبيق التعامل بالاورنيك الالكتروني، وطالب بتجويد الخدمات وتأهيل الموظفين حتى يصل لمقصده.
صعوبات عديدة
شكى مدير تحصيل باحد المؤسسات من صعوبات واجهتهم في العمل بالاورنيك الالكتروني فالرقم المتسلسل الخاص بكل معاملة طويل جداً ويصعب قبوله، فضلاً عن بطء الشبكة وغيابها لاوقات متفاوتة وصعوبات اوامر الطباعة مما اضطر وحدة الحاسوب بالمؤسسة الى زيادة سعة الشبكة سبعة اضعاف وهذه تكلفة اضافية، واجبرنا على فتح نوافذ جديدة حتى نتمكن من تغطية المصطفين، وبالرغم من ذلك هناك تحسن في الاداء يوماً بعد يوم.
واشار احد المتحصلين على تدريبهم على التعامل مع النظام الجديد بمؤسساتهم لمده لم تتجاوز العشر دقائق.
لابد من التأمين
حذر دكتور امن البرمجيات عثمان النور من التهاون في تأمين النظام من المخترقين حتى لا يصلوا لبنية الشبكة التحتية، واشار إلى امكانية تحويل الاموال لحساباتهم الشخصية في حالة الاختراق او التلاعب بقيمة الارانيك حسب اهوائهم، ومن وجهة نظري الفنية ان العالم الآن يعاني من جانب الامن البرمجي لحماية البيانات والبرمجيات من المخترقين (اشخاص، اجهزة استخبارات عالمية) ودعا الحكومة لتبني مقولة (سوء الظن من حسن الفطن) واتمنى ان تكون قد قامت بجميع اختبارات الاختراق خاصة وان هناك العديد من الشباب السوداني توجه نحو علم الاختراق ولو على سبيل العبث.
ويضيف النور: التوجه نحو الخدمات الالكترونية يمثل تحدياً للسلطات لضبط المادخيل المالية البارزة وغير البارزة، ويوفر قدر كبير من الشفافية، ولكن التحدي الأكبر في توفير البنى التحتية (شبكات، حواسيب) على ان تتجنب مشاكل ازدحام الشبكة بالطلبات، ولابد من القياس على الاشكاليات التي تواجهة شبكة شركات الاتصالات (الشبكة مشغولة).
اقرار
اقرت وزارة المالية والتخطيط والاقتصاد في تصريحات صحفية بوجود مشكلات صاحبت الخطوة في عدد من المرافق ووعدت بوضع الحلول واكد وزير المالية بدر الدين محمود التزامهم بالمضي في اورنيك (15) الالكتروني دون رجعة للورقي واشار إلى سماحهم بالتطبيق في بعض المرافق بتقديم الخدمات دون اية رسوم ريثما يتم تطبيق النظام بصورة كاملة لكي لا يتضرر المواطن، واكد سيره بخطى ثابتة حتى يشمل كافة الولايات.
تكدس بالنوافذ
رصدت الصحيفة تكدس المواطنين بنوافذ التحصيل بمختلف الجهات والمؤسسات، ففي وزارة الخارجية شكى المواطنون من بطء المحصلين في اجراء التحصيل مما عمل على تزايد الصفوف يوماً بعد يوم، وقال اخرون ان الخزينة تغلق قبل ان ينهوا تعاملاتهم المالية ليضطروا القيام باكراً والحضور في صباح اليوم التالي، وتوجهت (آخر لحظة) لهيئة التأمين الصحي بالخرطوم لتقف على سير العمل ولكنها وجدت ان التوريدات المالية بالنظام الجديد متوقفة للاسباب سالفة الذكر لتتم جميع المعاملات دون مقابل مالي كما حدث في بعض المؤسسات، كما رصدت تذمر المواطنين الذين يشتكون من تطاول الصفوف وضيق زمن التوريد بالخزينة والذي يبدأ من التاسعة الى الواحدة في بعض المؤسسات.
ترى هل ستشهد الايام القادمة انفراجاً تاماً ام ستتطاول الصفوف ويستمر توقف المعاملات في بعض الجهات؟
معاوية عبد الرازق
صحيفة آخر لحظة