الصدفة وحدها أوقعتني في مشاهدة مسلسل (حريم السلطان) الذي يتزامن مع صينية العشاء أمام شاشة التلفاز على قناة ( دبي الفضائية ) فوجدت الأسرة منهمكة في أحداث الدولة العثمانية فانهمكت !
مسلسل “حريم السّلطان ” يــروي قصة السّلطان العثماني سليمان القانوني الذي حكم بين سنتي 1520 و1566م.
ويتحدث عن التّأثير الطاغي لإحدى الجواري واسمها “خرم” على السّلطان. وفي النسخة العربية من المسلسل تظهر الجارية باسم ” هُيام ”، وبسببها حدثت كوارث كبيرة من بينها قتله لابنه مصطفى بدون وجه حقّ. هذا المسلسل دخل كلّ بيت عربي تقريبًا، وشدّ إليه أنظار ملايين المشاهدين، وتميز ببراعة عالية في التّمثيل والتّصوير . وقدّم المسلسلُ سليمان القانوني محبّا للشّهوات والنّساء الملّذات، أكثر أوقاته بين الحريم في القصر.
وترك تأثيرًا واضحا على المشاهد، فلم يعد يرى فيه سوى شخص محب للّهو منقطع عن هموم شعبه، وضاعت صورته الحقيقية التي يعرفها عنه المؤرخون وكثير من المستشرقين من الشّجاعة والعدل والتّقوى. هذه الصورة شوهت جانبا كبيرا من حياة هذا السّلطان الذي كان يسميه العالم الغربي “السلطان العظيم” و”الفخم” و”الكبير
السلطان سليمان القانوني هو عاشر السلاطين العثمانيين ومن أكثرهم شهرةً، توسعت الدولة في عهده لتُصبح مساحتُها ضعف ما كانت عليه في عهد من كان قبله. و يقول عنه المستشرق أورطالون “لو قمنا بترتيب ما قام به السّلطان سليمان القانوني حسب أهميته، وضعنا في الأسفل حُروبه وفوقها الآثار التي خلفها، أمّا في الأعلى فنضع المؤسسات العلمية والحقوقية التي أسّسها”. فلم يكن السّلطان سليمان متميزا بين السّلاطين فحسب بل كان من أمجد الحكام في العالم بأسره، لذا نرى العالم الغربي يلقبه بأعظم الألقاب تقديرا له.
حقيقة كاتبة السيناريو شوهت تاريخ هذا القائد العظيم وقد ذكرت هي نفسها أن مصادرها كتابات المستشرقين !
فبعد بثّ عدد من حلقات هذا المسلسل في “قناة”D التّركية قُدّمت نحو 30 ألف شكوى من مواطنين ومثقفين إلى المحاكم التّركية تطالب بوقف بث المسلسل لأنّه يشوّه جانبا كبيرًا من تاريخهم، وانتقده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وقال “إنّ السّلطان سليمان القانوني قد أمضى 30 عاما على صهوة الخيل، وأنا أدين مُنتجي هذا المسلسل وأصحاب التّلفزيون الذي يبثّه”.
( حريم السلطان ) هو تشويه لحقبة مهمة في تاريخ الإسلام !!
بقلم: ابومهند العيسابي