لابد أنك سألت نفسك هذا السؤال ذات يوم.. نحن نرى العالم من حولنا يتقدم وتفتح الأجيال أبواب المستقبل باباً وراء باب، ويقف الشباب على أرضية صلبة من المعارف والخبرات الموروثة، وتغذي وجودهم روح الوطنية والإعتزاز بالماضي والحاضر معاً.. لا تباكي على ما مضى بل زهو وإفتخار.
الإحساس بالمسؤولية هو مفتاح النجاح، والعمل وفق تلك المسؤوليات هو طريق النجاح.. وهذا الإحساس العظيم لن ينمو هكذا داخل نفوسنا دون أن نرعى بذرته، وهذه هي مسؤولية الدولة كلها، بكامل مكوناتها، حكومة ومجتمعاً ومؤسسات وشعوباً متفرقة تجتمع تحت راية الوطن الواحد.. السؤال مازال قائماً وسوف يظل.. (لماذا نتخلف ويتقدم الآخرون؟)
الإجابة ببساطة شديدة هي أن أكثرنا لا يأبه كثيراً لما يجب عليه عمله، ولا يكترث بنتائج تخلفه عن أداء ذلك العمل، وأسباب إمتناعه عن أداء الواجب تكون عادة إما كسلاً وإما عدم إحساس بأهمية هذا العمل.. وفي كلا الحالتين تكون المصيبة.
الإجراءات التأديبية في العمل تبدو غير ذات أهمية، وقوانين العمل تنتصر للعامل حتى وإن كان مخطئاً، وهي إرث يحمد اتحاد عام عمال السودان للشيوعيين أن أسسوا له أوائل حكم الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري – رحمه الله – عندما كانت (رايات الثورة) حمراء.. ولم يجرؤ نظام بعد ذلك على إلغاء قوانين العمل، رغم أن هناك من ينادي بإلغاء كثير من القوانين الموصوفة بأنها مقيّدة للحريات..
الدولة، حكومة ومنظمات وشرائح مجتمعية (تقوم وتقعد) في سبيل تكريم الرواد أو المبدعين أو الرموز، وأكثرنا ينظر (متفرجاً) ينتقد ويشير إلى (المفروض) و(الواجب) وهو في موقع الناقد الذي يطالب الآخرين بكل شيء ولا يفعل شيئاً..!!
تخيل أن تأتي إلى عملك المرتبط بالعشرات أو المئات أو الآلاف لتجد أن أحد الذين يعتمد عليهم الأداء (غائب) دون إذن أو عذر، ويظل الجميع في إنتظار مقدم الإمام الغائب، لكنه لا يأتي، فتكاد عجلة العمل أن تتوقف عن الدوران، لا لشيء سوى غياب شخص لا يقدر ما يمكن أن ينتج عنه غيابه غير المعلن..
جميعنا يسعى لأن يتم تكريمه, لكننا لا نقبل مبدأ الحساب على العمل.. لا نقبل العقاب على الخطأ.. لذلك علينا بإعتماد المبدأين.. الثواب والعقاب.. وإلا فإن حالنا سيظل كما هو.. نتقدم خطوة إلى الأمام، فيجرنا البعض خطوتين إلى الخلف..
قوانين العمل لدينا نطبقها في جانب واحد، هو جانب (الحقوق), بينما نغفل جانب (الواجبات), ونتغافل عنها.. وقد أضحى هذا الجانب ميتاً.. وأصبح العاملون في مرافق الدولة ومؤسسات القطاع العام والخاص أشبه بالذي سلم من الأسد فطمع في صيده.