(الحولية) كما معروف عنها هي تلك الاحتفالية التي يقيمها سنوياً مريدو الطرق الصوفية في التاريخ الذي يوافق يوم وفاة شيخهم الكبير إحياء لذكراه وتذكيراً بتقواه وفضائله ومحاسن أعماله، غير أن للحكومة (حولية) أخرى دأبت على إقامتها سنوياً ولكن لشيخ آخر هو صندوق النقد الدولي ووصفته المحفوظة والمكرورة (رفع الدعم)، ففي رمضان الفائت ومع قبايل عيد الفطر؛ سرَّب الحزب الحاكم خبراً نشرته الصحف، حمل وعيداً برفع الدعم عن المحروقات نهاية العام، وكان أن نفت وزارة المالية هذا الخبر حينها، ليتأكد بعدها صحة الخبر وترفع الحكومة فعلياً الدعم عن المحروقات؛ فتخرج المسيرات الشعبية الرافضة له وتعلو الهتافات المناهضة له فيما عرف بــ(هبة سبتمبر) التي سقط فيها عشرات الشهداء… الآن وفي رمضان هذا العام وفقاً للخبر المنشور؛ يتكرر ذات المشهد وبذات التوزيع للأدوار، يسرب الحزب الحاكم خبراً عن الاتجاه لرفع الدعم، فتنفي وزارة المالية الخبر بذات النحو الذي حدث العام الماضي، فهل يا تُرى سيمضي خبر رفع الدعم الى نهاياته كما حدث العام السابق، أم أن الأصوات المعترضة عليه وأبرزها النائب الأول الفريق أول بكري ستبقيه (في علبه)، وما علينا إلا أن ننتظر لنرى.
ولكن الى أن يتبين أبيض خبر رفع الدعم عن أسوده، وتتضح لمن الغلبة، أهي للنفي أم الإثبات، تبقى لنا ثمة كلمة في الخصوص تختص بهذه الروشتة المحفوظة لصندوق النقد الدولي التي لم تصب يوماً في مصلحة البلاد لجهة ما ورائها من مآرب وأجندة، وليس أدل على ذلك من الهتاف الخالد الذي ابتدعه الشعب لن يحكمنا البنك الدولي، فقد ظل هذا الصندوق لا يكل ولا يمل عن دعوة الحكومة لتنزيل قرانه المنزل وكتابه المبين ولوحه المحفوظ الذي لا يؤمن بغيره رفع الدعم عن السلع وبالأخص المحروقات وكأن بينه وبين هذه الأخيرة عداوة تاريخية وتار بايت، ولسنا في حاجة للتعريف بالأثر التلقائي السالب الذي تلقي به وصفة الصندوق على العديد من شرائح وقطاعات المجتمع الفقيرة ومحدودة الدخل، والغريب أن الحكومة تنصاع صاغرة وتصعر خدها له بالرغم من وجود خيارات اقتصادية أخرى غير خياراته يمكنها اللجوء إليها، وفوق ذلك فإن وصفة الصندوق القاسية ليست مثل الدواء المر الذي يؤدي تجرعه على مضض للتعافي والشفاء، وإنما للمفارقة تقود إلى زيادة حدة الفقر في تعارض وتقاطع واضح مع أهداف الألفية الإنمائية التي تدعو لخفضه وتخفيف حدته، والأعجب من كل ذلك هو اذا كان من حق الصندوق أن يسعد ويفرح عندما يجد أن الحكومة قد انصاعت له وطبقت سياساته، فما بال الحكومة تظل سائرة في ركابه وخانعة له، بل وسعيدة بإشاداته، رغم أن سياساته هذه تزيد معاناة مواطنيها وترفع درجة السخط عليها، بينما يقف الصندوق بعيداً يتفرج عليها ولا يقدم لها أي دعم يعينها على تنفيذ سياسته، بل الأنكى والأدهى أنه يعتبرها غير مؤهلة لاستحقاق دعمه.