كانت هنالك.. أنثى جميلة الروح خفيفة الظل.. حضوراً كانت أثناء تصوير حلقات قهوتنا… كما كانت حضوراً مميزاً… ثم همست لي (لو ختيتي شكل حنة… الصورة حا تطلع أرهب)، أجبتها والحزن يسبق إجابتي (حينما يتوقف نزيف القلب ألماً….وتعود كبدي التي تزحزحت من مكانها وجعاً.. سأرسم آلاف الأشكال.. بذات الحناء التي كان سيضعها “محمد” على يديه وقدميه عريساً)… هكذا أجبتها.. وهكذا أخاطب روحك التي ذهبت لبارئها غير أنها ظلت تجول في أفقي وحدي.. لا أدري لماذا.. هل لأني أعيش غربة مؤلمه؟ أم لأني لم أستطع أن أبكيك لحظة الخبر لأني لم أصدق حينها؟… أم لأني لم أبكيك مع (يوسف عمي.. وسيده أختي.. وأبوي وأمي عشان أبرد وجعتي في حضنهم وأكون قاسمتهم حزني وصبرهم).
اعتدت وأنا هنا بمنزلي بجدة… أن أمرر وجوه أهلي جميعاً على ذاكرتي… (نفر نفر… وأتخيل لمن أفاجأهم وأنا في الباب ومنظر الذهول والفرح والبكاء والترحيب بي الزولة الفوضى… ويمروا على ذاكرتي ناس الحلة جت.. جت.. بلا فرز.. وبكون بتبسم براي زي المجنونة… ويغلبني النوم…الكلام ده كلو قبل ما أعرف إني حا أسافر وللا أحدد وللا أقرر… يللا يا يمة أتخيلي إني كل صباح بقيت أفكر انو كيف “محمد يوسف” حيكون ما في المرة دي… وجدي “عبد الباقي”.. وكتار رحلوا.. لكن محمد الشافع.. الكلما يقول لي يا خالة الكتوف أتلاحقت.. أقول ليهو يا شافع. .أنا كان عرست بدري كنت ولدتك بالراحة… “محمد” الكنت حا أسافر لي عرسو مش لي موتو…) ثم ينتهي الخيال.. ولكن ذاكرة الأسى تظل يقظة.. لم أعتد على الحداد من قبل حتى على شقيقتي.. ربما لأنني لم أكن بكامل نضجي حين رحلت وأنا في نصف عمري الحالي تماماً… ولكنني الآن أعاني ألماً أعظم ألماً لطفل لم يكمل عامه الرابع والعشرين بعد… بل وجعه الرابع والعشرين.. اللهم بقدرتك يا ذا القدرة أبدل محمداً داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً منا وأجعله آخر أحزاننا… وعزانا أنك ذهبت لربك شهيداً.. وحسبنا ذلك =..
(فراقك موية نار انكبت في القلب… بس ما كتير على ربك…)
شكراً لكل من أرسل التعازي… ولكل من شاركنا الحزن… دمتم..