ظل سوق أم درمان رغم عراقته وارتياد السياح الذين يقصدونه من كل صوب وحدب، ظل يعيش حالة من الفوضى وعلى مرأى ومسمع معتمد أم درمان “اليسع”.. بل أمام مرأى ومسمع كل المعتمدين الذين مروا على أم درمان، فحال السوق هو نفسه، لم يتغيّر ولم يتبدل. يعج بالفوضى وتكثر في أيام المناسبات، كشهر رمضان هذا أو عيدي الفطر والأضحى، الفوضى والزحام.
ومنذ الخامس عشر من رمضان أي منتصف الشهر فلن تستطيع الخروج أو الدخول إليه بسهولة، قد تستغرق زمناً طويلاً من شارع كرري إلى أن تصل سينما الوطنية، ساعة بحالها يمكن أن تضيع منك.
في ظل هذه الفوضى.. أصحاب مركبات، أمجادات، هايسات، عربات ملاكي، ركشات، كلها فوضى لا أحد يحسن التصرف، ولا شرطي المرور الذي وقف بالمنطقة هنا وهناك استطاع أن يأخذ رخصة أي سائق عربة لم يفسح المجال للآخرين أو حاول تنظيم تلك الفوضى.
سوق أم درمان واحد من أعرق الأسواق ولذلك يكتظ بالمشترين والبائعين، ولكن المحلية أو المعتمدية ومنذ عشرات السنين لا تتصرف إبّان المناسبات ونقوم بمعالجة الزحام المفتعل، بل المحلية سمحت للباعة أن يفرشوا على الأرض مقابل حفنة من المال، فكل الطرقات سدت بأولئك الباعة، وطالما (بيدفعوا) للمحلية فهم أسياد الشارع، فلا أحد يستطيع أن يمنعهم من البيع فيه حتى ولو خالفوا كل القوانين الأرضية والسماوية.
إن محلية أم درمان إذا لم تقم بواجبها خلال اليومين القادمين فإن السوق سيصبح جهنم على الداخلين والمارقين، فيجب أن يكون هناك قانون يمنع دخول العربات الكبيرة والركشات، أو عدم الانتظار في أي منطقة من مناطق السوق خاصة بمداخل السوق، مع منع (الفرّيشة) أو الباعة الجائلين من افتراش الأرض وسد الطرقات. فسوق أم درمان لا يقل مكانة من الأسواق الشعبية في دول العالم المختلفة في قطر أو في السعودية أو (الموسكي) بجمهورية مصر العربية، ولكن الفرق بيننا وبين أسواق تلك الدول النظام والانضباط من المواطنين ومن البائعين.. فسوق أم درمان قبل عشرات السنين هو نفس السوق زحام وفوضى وعدم احترام للبشر، بسبب المسئولين الذين يفكرون في كيف يجمعوا المال من أولئك البسطاء من صغار التجار فيؤجرون لهم الأرض. لماذا لا يكون البيع داخل المحال التجارية بحيث يدخل كل مشترٍ ويأخذ مقتنياته بصورة حضارية بدلاً عن هذه الفوضى، فهل يسمعنا معتمد أم درمان ويقوم بنفسه بترتيب السوق قبل يوم الوقفة؟ نأمل ذلك.