عامان على انشاء “الدولة الاسلامية” .. بدأت بالعراق والشام فسُميت “داعش” اختصار للدولة الاسلامية في العراق والشام , وقبل عام من الآن أعلنت الدولة في العراق والشام تحولها الى مسمى “الدولة الاسلامية” .
تعرف باختصار “ISIS” او داعش .. سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم وبدأت عدة جماعات سلفية تعلن مبايعتها لأمير التنظيم أبو بكر البغدادي .. فهل ستنجح الدولة الاسلامية وتستمر .. أو كما يحب مؤيديها تسميتها بـ”تتمدد” .. أم ان وقت انحصارها بات قريباً كسالفتها القاعدة ؟
اكد الخبير في قضايا الارهاب و الاستخبار من المانيا جاسم محمد ان تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” اعلن خارطة طريقه منذ ان بدأ في الشرق الاوسط، وخاصة في دول الجوار التي تشمل سوريا والعراق، كما انه اعلن ان الكويت و المملكة العربية السعودية جزء من خارطتها.
وقال محمد لـ”دنيا الوطن”: “يبدو هناك اكثر من محاولة لبناء التنظيم في السعودية ولكن لا يوجد للتنظيم في الكويت، و ان ما حصل فيها هو خرق امني، هذا بالنسبة للكويت”.
واضاف: “هو يراهن على توسع جغرافيته خاصة في لبنان التي تعتبر هدف رئيسي له ويبدو ان لبنان نجحت في عدم تمدد داعش خاصة في عرسال”.
وبين محمد ان تنظيم داعش يحاول ان يتمدد في المنطقة لكنه الان غير قادر على ايجاد فروع للتنظيم خاصة في المنطقة، اما حصوله على بيعاته في مناطق جغرافية بعيدة فانها تبقى رمزية، على حد تعبيره.
واوضح محمد ان هناك تلقص للتنظيم في العراق خاصة بعد خسارته لمحافظة صلاح الدين وديالا، مشيرا انه في المقابل له توسع في محافظة الانبار التي مازالت تعيش سجالات و مواجهات، معتبرا ان ذلك سيستمر.
واشار محمد الى انه في سوريا فإن داعش تمددت في مدينة تدمر ولكن تقلصت في المناطق الشمالية الشرقية واجزاء من تل ابيض والحسكة، لافتا الى انه يتقلص الان في العراق ويحاول ان يعوض ذلك في سوريا.
وفي السياق ذاته قال محمد : “كل ما تكون هناك مواجهة يخسر هذا التنظيم لبيعات اكثر خاصة في مناطق جغرافية بعيدة ، بينما يحصل على تدفق اكثر من المقاتلين بسبب ان قوة اعلام هذا التنظيم الذي يستخدم الاستقطاب الاعلامي ويوظف الصور في الاعلام للحصول على تأييد اكثر”.
واضاف: “هناك جماعات كذلك تستفيد من تمويل داعش كما حصل مثلا مع جماعات المرابطون التي اعلنت اكثر من مرة دعمها لداعش و انها تعطي دعاية له في الجزائر وافريقيا، كما ان هناك جماعة اخرى تسمى بوكو حرام و بيعات اخرى في باكستان و افغانستان، لكن هذه الجماعات تعتبر رمز ولا يمكن ان تمثل تنظيم فاعل على الارض”.
وذكر محمد ان هناك علاقات تنظيمية حيث ان هناك ما يسمى بامارة سيناء التي تم اعلانها في العام الماضي بيعتها لداعش وسمت نفسها اسم بهذا الاسم، مبينا انه لا يوجد ترابط جغرافي، لافتا الى انه في سيناء لديها خصوصية باعتبارها تمتد مع غزة والسودان، ولكن هناك محاولات بان يفتح داعش ترابطا جغرافيا من خلال ليبيا والتي تعتبر خاصرة سيناء”.
وفي سياق ذي صلة اكد المختص في قضايا الارهاب والاستخبار ان داعش الان يراهن على لبنان والجبهة التي حاول ان يفتحها اكثر من مرة هي عرسال والتي تعتبر من اكثر الجبهات التي يراهن على توسعه فيها، مبينا ان الكويت ايضا مرشحة الان لكن من الصعب بالنسبة لها، مضيفا ان التنظيم يراهن كذلك على حدود الاردن والذي من الصعب ايضا ان يجد منطقة او جبهة للتمدد بها.
واوضح ان وجود داعش في اليمن ضعيف، معللا ذلك الى وجود تنظيم القاعدة و ما يسمى بالجزيرة العربية والتي تستغل قربها الجغرافي من الخليج، لافتا الى انها تراهن على انجاز عمليات في دول الخليج، مبينا ان التنظيم استطاع من خلال انصاره و كوادره في السعودية في انجاز عمليات ووجود شبكة في المملكة مكونة من 132 شخص، مشيرا الى ان الخليج الان في حالة تأهب.
ورأى محمد ان السعودية ستشهد عمليات لا يمكن ايقافها، ولكن باقي دول الخليج بسبب جغرافيتها ستكون في مأمن.
واكد أ.جاسم محمد ان العمليات الانتحارية بالنسبة للخلايا المتوحدة في المنطقة لا يمكن ايقافها و ستشهد اوروبا عمليات متكررة، اما في المنطقة العربية فقد بين ان داعش لا يقوم على هذه الخلايا، حيث ان له القدرة على تنفيذ عمليات واسعة في المنطقة في سوريا و العراق وربما في دول الجوار.
وحول التنظيم الهيكلي لداعش اوضح جاسم انه يقوم على اساس حلقة مغلقة منذ يونيو من العام الماضي ولكن تحول الان الى شبكة، حيث ان يشتمل على عدة مجالس ابرزها مجلس الشورى الذي يترأسه الرجل الاول في التنظيم ابو بكر البغدادي بالاضافة الى المجلس العسكري الذي يشرف على العمليات العسكرية وهناك مجلس الامن الذي يشرف على الامور الامنية والاستخبارية، ومجلس الاعلام واللجنة الدعوية.
وحول كيفية استقطاب عناصر الجدد الى التنظيم اوضح محمد انه يتم من خلال الاعلام والنشاط الدعوي على الارض ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال الحضور الى المحاضرات و يتم عملية غسل الدماغ، لافتا الى ان ذلك ياخذ بعدا الاول هو البعد المعرفي الذي يخضع المستمع الى المعلومات الجديدة التي يكتسبها حول التنظيم، البعد الثاني هو التعصب و الثالث وهو الاخطر بان يتحول الى بعد سلوكي بمعنى انه يحمل السلاح و يقوم بتنفيذ عمليات.
وحول قرارات الاعدامات قال جاسم جمعة: “في كل تشكيل او مجموعة يكون هناك شرعي مسئول عن الفتاوى و هناك اشخاص معنيين بجلب الانتحاريين وهناك اشخاص يقومون بالاستطلاع”.
واضاف : “قرار الاعدامات التي تتم من خلال الفتوى التي يمنحها الشرعي عند الجماعة، ليس التنظيم على مستوى التنظيم و انما على مستوى التشكيلات الموجودة مهما كانت سواء كانت بالتنظيم المركزي او خارجه”.
من جانبه اكد د. خالد صافي المختص في الشؤون التاريخية والحركات إسلامية ان تنظيم داعش لا تفضل تسميتها بهذا الاسم وانما بالدولة الاسلامية ، لافتا الى ان استمرارية داعش مرتبط في ظروف ذاتية مرتبطة بداعش نفسها فيما يتعلق بقوتها العسكرية والمالية و الحشد و التعبئة القادرة على القيام به على صعيد عناصر محلية او عناصر خارجية.
وقال صافي: “تمددها في العراق مثلا فان الدولة الاسلامية اصبح ليس لها حاضن قوي فهو المجموعة السنية التي تم تهميشها و اقصائها و ملاحقتها من قبل الحكومة الشيعية في العراق في عهد المالكي، و استمر ذلك ولكن بشكل اقل في عهد العبادي، لذلك فان الدولة الاسلامية في العراق و الشام تتميز بوجود حاضن شعبي لذلك فان استمراريتها مرتبط بمدى قدرتها على التلاءم و التكيف مع هذا الحاضن و عدم استفزازه في هذا الوقت”.
واضاف: “في اللحظة التي يتخلى فيها الحاض السني في العراق عن الدولة الاسلامية فان هذا يشكل عامل من عوامل الضعف الذاتي و الداخلي في الدولة الاسلامية في الشام و العراق”.
واستطرد قائلا: “الجانب الاخر مرتبط بقدرة الدولة الاسلامية في الشام و العراق على تحقيق الانسجام بين عناصرها و عدم حدوث انشقاقات داخلية بمعنى ان هناك في داخل الدولة الاسلامية عناصر محلية و عناصر اجنبية ، حيث ان تحقيق الانسجام يشكل عنصر من عناصر القوة و الضعف للدولة.
اما عن الجانب الثالث لاستمرارية تنظيم داعش بين صافي انه مرتبط بمصادر التمويل وقدرته على توفير مصادر التمويل اللازم لعملية التسلح و حشد العناصر، مبينا ان تنظيم الدولة استطاع ان يسيطر على مناطق واسعة وموارد مالية، متسائلا: الى اي مدى يستطيع التنظيم توظيف هذه الموارد وتصديرها او التعامل معها؟ معتبرا ذلك انه عامل من عوامل القوة او الضعف على الصعيد الذاتي.
اما على الصعيد الخارجي اوضح صافي ان استمرارية الدولة الاسلامية من حيث القوة و الضعف مناط بالقوى الاقليمية و الدولية و مدى تحقيق تقدم في لمحاصرة الدولة الاسلامية في الشام و العراق، على حد تعبيره.
وقال صافي: “نحن نعلم ان من القوى الاقليمية التي لها تأثير ووزن في ذلك هي ايران وبالتالي وجود الدولة الاسلامية مناط باسهام ايران في المجهود الحربي في العراق من الجانب العسكري او البشري، من جانب اخر الولايات المتحدة الامريكية قادت تحالف من 50 دولة ولكن هذا التحالف لم يتجرأ حتى الان على مواجهة الدولة الاسلامية في الشام العراق وانما تكتفي بالمشاركة المالية او المشاركة الرمزية او من خلال الطائرات و التي لا يمكن ان تحسم المواجهة”.
واضاف: “ولكن اذا قرر التحالف الدخول في مواجهة برية مع الدولة الاسلامية في الشام و العراق فان هذا شأن جديد”.
وفي السياق ذاته اكد صافي ان الدولة الاسلامية في الشام و العراق اعلنت انها على استعداد للتمدد، لافتا الى انها رفعت شعار “الاتساع و التمدد” كما انه رفع شعارات اخرى منها “انا قادمون”، مبينا انه اذا نجحت الدولة الاسلامية في الشام و العراق في التمدد في المناطق التي تم ضمها فانها على استعداد ان تتجه الى مناطق جديدة، لافتا الى ان ذلك مناط بمدى وجود قوات تواجهها، مشيرا الى انه اذا وجدت الدولة الاسلامية ان بغداد ممكن ان تقع لقمة سائغة في فمها او يدها فانها ستقدم على ضمها بالتأكيد.
ورأى صافي ان فكرة التمدد و التوسع هي جزء من فكرها السياسي، فاذا اتيحت لها فرصة التمدد فانها لن تتردد.
وفي السياق حيث ان تحاول ان تتمدد في سوريا بمعنى انها تسيطر على منطقة الرقة بشكل كامل وتحاول الان ان تتمدد وتتجه الى مناطق حلب، و ان كانت تواجه اشكاليات مع القوات الكردية او جبهة النصرة، ولكن اذا اتيحت لها الفرصة للتمدد في سوريا او اذا سقط النظام في سوريا وكان بامكانها ان تستغل ذلك فانها ستتمدد.
اكد ان ظاهرة مبايعة ولايات لداعش وابو بكر البغدادي جاءت بسبب الانسحاب الامريكي من العراق، مبينا ان الجيش العراقي لم يكن مدبا و مؤهلا كجيش وانما تم تدريبه كقوة شرطة لذلك فانه جيش ضعيف ليس كقوة داعش.
وفي السياق ذاته اكد ان من اسباب هذه الظاهرة ايضا هو سياسة التهميش والاقصاء للسنة في العراق الذين يشكلون حوالي ثلث سكان العراق في الوظائف و الوزارات في ظل حكومة المالكي وهي حكومة طائفية شيعية، لافتا الى ان السنة وجدوا في داعش فرصة لاثبات وجودهم وتحقيق الفوز على الشيعة وبالتالي دخل الصراع الطائفي عاملا رئيسيا في ذلك.
واضاف ان من الاسباب ايضا البعد القبلي حيث ان ابو بكر البغدادي ومن قبله ابو عمر البغدادي هم عراقيون وبالتالي لديهم اتصالات و حاضن قبلي بمعنى انهم يرتبطون بقبائل لهم اتصالات و هذا كله يدعم وجود الدولة الاسلامية في الشام و العراق على اساس ان معظم قادة الدولة الاسلامية هم من العراقيين، مضيفا ان هناك جانب اخر مربتط بالعلاقة بين تنظمي الدولة الاسلامية في الشام و العراق و بين المقاومة البعثية في الشام و العراق.
وبين ان الاردن و الكويت ليسوا بعاد عن الدولة الاسلامية في الشام و العراق والامارات والبحرين و السعودية والتي تعتبر اهداف للدورة الاسلامية اذا توفرت الظروف السانحة و الملائمة للتنظيم للزحف الى هذه المناطق فانها على استعداد لفكرة التمدد و التوسع.
وفي سياق اخر اكد صافي ان تنظيم الدولة من المتوقع ان يضرب في اي وقت الدول الخليجية، لافتا الى انه ضرب بالفعل في عدة مناطق مثل تونس و الكويت وفي السعودية و مصر، مشيرا الى ان امكانية استمرارها في العمليات العسكرية واردة و هي جزء من فكر الدولة الاسلامية في الشام و العراق.
و حول الهيكل التنظيمي للدولة الاسلامية في الشام و العراق اكد ان هناك كتب عديدة صدرت بشكأن الهيكل التنظمي للدولة الاسلامية في الشام و العراق، لافتا الى ان اشهر هذه الكتب كتاب للصحفي عبد الباري عطوان الذي يؤكد فيه ان هناك تنظيما هرميا يبدأ من الخليفة ثم المسئوليين العسكريين ثم المسئوليين الاداريين والمالية و الاعلامية.
وبين ان ابو محمد العدناني هو الناطق الرسمي باسم الدولة الاسلامية، لافتا الى ان الجهاز الاعلامي للدولة الاسلامي جهازا قويا من خلال الافلام و الشرائط التي يتم بثها بمنتجة عالية و فنية عالية بالاضافة الى مجلة صادق و مراكز الابحاث الخاصة بها و الاعلامية الموجهة بعدة لغات، مبينا ان ذلك كله يثبت ان الدولة الاسلامية لها جهازا عسكري و مالي اداري و اعلامي لها قيادات و التي اصبحت معروفة حيث تم نشر العديد من اسمائهم، لافتا الى انه من خلال ذلك اصبحت التنظيم في اطار الدولة حيث له كل مقومات و مكونات الدولة.
وفي السياق ان هناك مجلس شورى للدولة الاسلامية و الذي يقدم الشورى للخليفة حول عمليات الاعدامات، كما ان هناك مجلس افتاء، بالاضافة الى هيئة القضاء التي تتخذ قرارات الاعدام، كذلك هناك جهات مخولة بالتنفيذ، مشيرا الى ان الحديث يدور عن دولة لها اجهزتها و ليس تنظيم.
وحول كيفية استقطاب عناصر جديدة الى التنظيم قال صافي: “الدولة الاسلامية في الشام و العراقة لديها اسلوب قوي حيث انها تستخدم وسائل اتصال حديثة حيث ان لها مجلة اسمها ضابط و لها مواقع اعلامية وافراد يتواصلون بشكل نشط عبر وسائل الاتصال و التواصل الاجتماعي يستطيعون من خلال هذه الوسائل، حيث ان عناصرها من خلال التتبع للاعلام تستطيع ان تصل لكل دول الكرة الارضية من خلال وسائل الاتصال و التواصل الحديثة”.
واضاف: “من خلال هذا التواصل يستطيعون التأثير على الاتباع و يتم حشد و جمع المناصرين لها، بالاضافة الى ان للدولة الاسلامية علماء سواء كانوا في السعودية او في دول اخرى يقومون بالحشد في المساجد هذا الجانب حيث في باريس تم ابعاد 10 ائمة يدعون الى التحريض ولذلك فان هناك علماء في الغرب يستطيعون من خلال المساجد والمراكز الاسلامية او حتى في السعودية”.
دنيا الوطن