القيامة قربت

عاد الخبر الذي نقلته عديد وكالات الأنباء والصحف عن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) العام المنصرم (2014م) إلى الواجهة مرة أخرى وبإلحاح شديد، فاشتغل عليه (خطباء) المسلمين أكثر من غيرهم. بالطبع، لم أجد من بين هؤلاء الخطباء الذين ينتظرون أي اكتشاف علمي يحدث للغرب ليؤكدوا أنه كان موجوداً في الإسلام منذ (14) قرناً، وأن (الجماعة الخواجات) سرقوه منا، وها هي بضاعتنا رُدت إلينا، وما إلى ذلك من (كلامات فارغة) يسوقونها عبر وسائط التواصل الحديثة التي أنتجها (الغرب) أيضاً. وكالة ناسا بالتضافر والتعاضد مع وكالة الفضاء الأوروبية ومجلة (ليف ساينس) العلمية المرموقة، وكثير من المواقغ العلمية المهتمة بشؤون الفلك وعلوم الفضاء كانت نشرت في ذلك الحين وإلى مطلع (2015م)، خبراً يفيد بتوقع حدوث انقلاب في الحقل المغناطيسي الأرضي، وهذا ربما يؤدي إلى شروق الشمس من المغرب، ما ينجم عنه اختفاء التكنولوجيا كما نعرفها اليوم. مجلة (ليف ساينس)، كانت أشارت إلى أن المجال المغناطيسي للأرض لم يعد قوياً مثلما كان في السنوات الماضية، إذ ارتفعت نسبة ضعفه خلال الـستة أشهر الماضية 10 أضعاف ما كان عليه. وهذا ما أكدته (كيلي ديكرسون)، الكاتبة بـ (ليف ساينس) التي كتبت مقالاً مطولاً عن الظاهرة ذكرت فيه: أن الأقطاب المغناطيسية للأرض تتغير مرة كل مئات آلاف السنوات، وإن هذه التغيرات المرجح حدوثها طبيعة، فقط الملفت فيها هو الضعف المتسارع للمجال المغناطيسي الأرضي، إذ أن من الطبيعي أن ينخفض المعدل بنسبة 5% كل 100 عام، ولكن البيانات الجديدة تؤكد انخفاضه بمعدل 5% كل عشر سنوات فقط، وهو ما ينذر بكارثة في القريب العاجل. بطبيعة الحال، وبناءً على ذلك يتوقع العملاء أن البوصلة سوف تتوجه إلى الجنوب بدلاً من الشمال للمرة الأولى منذ ما يزيد عن مائة ألف عام، وبالتأكيد سوف يؤثر ذلك في شبكتي النقل والمواصلات والاتصالات، وبالتالي فوضى كبيرة لا حصر في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا وخلافها. يبدو أن علماءنا الذين أشرت إليهم آنفاً بـ (خطبائنا)، وهم كذلك بالفعل، لا يمتلكون إلا حلاقيم وألسنة، وكما دأبوا عليه، انتبهوا لهذا الاكتشاف في الأيام الماضية، فانطلقوا في الأسافير يمشون في مناكبها ويأكلون في أرزاقها (يوتيوب، فيس بوك، وتويتر) ويبشرون الناس باقتراب القيامة، وكأن (ناسا) هي (المسيح الدجال) و(ليف ساينس) هي النبي الخضر. واقع الأمر، أن هؤلاء لا يفقهون شيئاً، حتى في مجال تخصصهم (الديني)، لذلك فإنهم ينطلقون من مثل هذه (الخبريات) الصغيرة، فينفخون في صورها حتى يأتي الناس أفواجاً إلى خطبهم ومواقعهم البائرة. فلا ناسا ولا وكالة الفضاء الأوروبية، ولا (ليف ساينس)، قالت بأن الحياة ستفنى إذا ما صدقت توقعاتها بحدوث انقلاب في الحقل المغناطيسي للأرض واتجاه البوصلة نحو الجنوب، كما لم تقل إن احتمال شروق الشمس من المغرب يعني الفناء الأبدي.

Exit mobile version