يقول الخبر ان السودان قد حل الرابع عربيا و62 عالميا …متفوقا على دول مثل اليابان وبلجيكا ..وهذا حسب ترتيب مؤشر السعادة العالمي الذي تصدره سنويا مجموعة (غالوب هيلثوبز) …ويشمل 145 دولة ويقيس المؤشر مستويات سعادة الشعوب وفق معايير مجتمعة تتضمن مستوى الرفاهية المادية والحالة الصحية الجيدة ووجود هدف للانسان في حياته والروابط الاجتماعية ومستوى الامان والعيش المناسب في المجتمع ….قبل ان ترفع حواجبك من الدهشة وتقول كما قال عادل امام (انا اسمي مكتوب ؟؟؟ طااااايب ) …نقول لك ان الخبر قد تم نشره في احدى الصحف السيارة.. وانك دون ان تدري تعيش في دولة اكثر سعادة من اليابان شخصيا …شفت كيف؟؟؟
قالت لي لمبة عبقرينو ..انها قد صدقت الخبر …وعندما أرتسمت علامات الاستفهام على وجهي قالت لي …اكيد المؤشر التقط كلمة السعادة التي يتم ترديدها طوال الوقت في السودان … …كل الوزراء والوكلاء والمدراء ورؤساء المجالس .. نطلق عليهم لقب أصحاب السعادة …وتظل كلمة يا سعادتك تتردد طوال الوقت اذن ومن كل بد …المؤشر التقط الكلمة ..وقال البلد دي اكيد ترفل في سعادة لا متناهية ولا تفسير لاطلاق لقب البلد السعيدة غير هذا ……اما من ناحية وجود هدف لحياتك …فهذه مفروغ منها ..الياباني يا سادة يا كرام يصحو من نومه ويجد كل شئ موجودا ..موية.. كهرباء… مواصلات …بالتالي لا يجد شيئا في حياته.. ويعيش من غير هدف فيضطر المسكين الى الذهاب الى العمل في موعده ويعمل ويبتكر وينتج …فقط لا غير ..دي عيشة شنو دي !!! …لكن تعال الى السوداني صاحب الاهداف العليا في الحياة …فهو يقضي الليل ساهرا منتظرا طيف محبوبته (الموية ) …يظل مترقبا صوتها الجميل ان (يخرخر) من الماسورة …ومن ثم يظل ساهرا يملأ البراميل والازيار …ثم ينام قليلا …ليصحو وهو فزع ساعيا نحو هدفه السامي الاخر وهو ان يجد مقعدا في الحافلة التي تقله الى عمله …يعود في اخر اليوم الى البيت …ممنيا النفس بقليل راحة …ليجد الكهرباء كالعادة مقطوعة …فياتي بالهاتف ليسعى نحو هدفه السامي الاخر وهو الاتصال بناس الكهرباء لينعموا عليه بكم (وات كدا) …شفتوا كيف؟؟ اهداف سامية تظل تفني حياتك من اجلها …مش زي الياباني الذي لا يعرف قيمة هذه الأشياء ….هذه الخدمات لا تعرف قيمتها الا عندما تفقدها ..لذلك عندما تسمع صوت المياه ..او تتحرك المروحة ببطء معلنة عودة الكهرباء بعد طول غيبة ..او تسمع صوت عربة النفايات بعد طول انقطاع وعشرة مع تلال النفايات عند مدخل الحي …حتى تكاد ان تذهب الى السائق لتعانقه فرحا وتقول له ماتطول الغيبة تاني …او تذهب لموقف المواصلات فتجد حافلة ..وكمان بها مقعد خالي ..وذاهبة و(يا لمحاسن الصدف) في ذات اتجاهك ….عند ذلك تغمرك فرحة ..ما بعدها فرحة.. وتحس انك قد ملكت الكون بيديك …وتردد مع ام كلثوم (اكتر من فرحي دا ما احلمش ..اكتر من اللي انا فيه ما اطلبش )..هذا الاحساس لا يختبره الياباني او البلجيكي .. يعيشون بلا هدف ..يفتقرون الى السعادة.. فلذلك يحلون متأخرين طبقا لهذا المؤشر ….وياناس المؤشر (كترتوا المحلبية والله )…اما انت يا ايها الشعب السوداني فلو قالوا ليك سمين …قول امين …..وردد مع الراحل زيدان ابراهيم (السعادة بقت وهم ) …وووصباحكم خير
د. ناهد قرناص