..
٭ لا المجلس الوطني.. ولا وزارة الداخلية.. ولا جهاز الأمن والمخابرات الوطني يمكن أن يقوم بدور الواقي لمن تحدثه نفسه بالمشاركة في القتال مع قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».. فهذا هو دور الأسرة.
لكن الأسرة يمكن أن تستفيد من كل هذه المؤسسات الحكومية في إسداء النصح.. تنصحها بأن تقنع أبناءها قبل أن يقنعهم غيرها بأن خدمة الإسلام والمسلمين والاهتمام بأمورهم لن تكون أفضل وأكمل دون استكمال الدراسة. هذا في مرحلة الدراسة.. وهي المرحلة التي يكون فيها الطالب في عمر لا نضج فيه.
لكن أن يقوم احد اعضاء البرلمان وهو النائب المستقل السيد أبو القاسم برطم بدفع مسألة توصف بأنها مستعجلة للبرلمان لاستدعاء وزير الداخلية بخصوص انضمام طلاب «سودانيين» الى «داعش»، فإن طلبه هذا سيجد بالطبع السخرية من هؤلاء الطلاب.. ولسان حالهم يقول: «حتى المستقلين عن الحكومة يمارسون التخذيل».
ولسان حالهم يقول: «إذا كان برطم لا يريد تلبية نداء الجهاد لتحرير أرض مسلمة وإنقاذ نساء وأطفال مسلمين فليتركنا وشأننا».
ولسان حالهم يقول: اذا لم يسعد الحال فليسعد المقال».
والسيد برطم من الأوفق أن يطلب حضور وزير التعليم العالي الى البرلمان ويستفسر بعد ذلك عن الخطاب الجامعي للحفاظ على طريقة تفكير الطلاب.. وهم في هذه السن.. وهم يحملون على عاتقهم مسؤولية تحصيل أكاديمي.
فوزير التعليم العالي يمكن ان يستفاد من وزارته في حماية طريقة تفكير الطلاب في مؤسسات التعليم العالي. وأيضاً يبقي لوزير التعليم العام دور مهم. وقد سبق أن توجه بعض طلاب المرحلة الثانوية الى المشاركة في الجهاد في بعض الدول الإفريقية.
لكن ماذا يمكن أن يدفع به وزير الداخلية في جلسة برلمانية؟! لا أجد دوراً له غير ان يؤلف لائحة تمنع سفر من يشتبه في أنهم طلاب حتى إذا لم يحملوا لإجراءات السفر جوازات طلاب.
او يعترض كل من يحمل الجواز غير السوداني «بريطاني أو أمريكي أو فرنسي» في السفر خارج البلاد.. مع حملة الجوازات الأجنبية من السودانيين أصلاً الذين لهم الحق في مغادرة البلاد متى شاءوا.
وطبعاً عدد مقدَّر من الطلاب الذين غادروا الى معسكرات «داعش» يحملون الجوازات الاجنبية.
ووزير التعليم العالي ووزير التعليم العام لهما الدور المهم جداً في نصح الطلاب دون احتقار قناعاتهم ومبادئهم.
لكن حتى الآن لا يعرف الكثير من طبيعة المشكلات المعقدة جداً على أرض العراق وسوريا، وحتى الطلاب الذين يغادرون بلدانهم ويهجرون دراستهم ليلتحقوا بدولة «داعش» يمكن أن يتعرضوا لعدوان من بعض الجماعات التي تدعي امتلاك الحق والحقيقة. ولا ننسى أن في سوريا وقعت الفتنة بين جماعات دينية.
وضررنا من واشنطن يكفي ان يكون آثار الحصار الاقتصادي.. فلا تزيده بآثار احتلال العراق وعدم حسم الأوضاع الأمنية في سوريا على طريقة «عجز القادرين على التمام».
أما أن يتساءل النائب المستقل برطم حول الظاهرة بجامعة العلوم الطبية دون غيرها من الجامعات والكليات السودانية، فإن هذا أول المتضررين منه مادياً وإعلامياً جامعة العلوم الطبية نفسها.
وهذه الجامعة المحترمة التي تخرج كوادر الخدمات الصحية ليس لها يد في ما يحدث ولا يد في منعه.
وهي لا علم لها بما حدث قبل حدوثه.. إذن من العدل الا تقدم كطرف للمشكلة تحت قبة البرلمان او غير ذاك المكان.
والسيد برطم لا يضمن شيئاً.. ولا يدري ماذا يحدث غداً.. ومصادفة ان يكون هؤلاء الطلاب من جامعة العلوم الطبية لا علاقة لها بجذور المشكلة. ويبقى الأفضل طبعاً الجلوس مع الطلاب وإقامة المحاضرات لهم لمناقشة الموضوع. فهم يمكنهم ان يناقشوا.. فهم ليسوا اطفالاً طبعاً.. ويمكنهم أن يبرروا قطعهم للدراسة مغادرتهم إلى «داعش».. وبعد ذلك يمكن أن يكون الرد على تبريرهم هذا. وليس بواسطة وزير الداخلية ولا المجلس الوطني، وإنما بواسطة وزارتي التعليم العالي والعام.
غداً نلتقي بإذن الله