*وقبل أن نذهب بعيداً، إن الاغتيال الذي أعنيه هنا هو (الاغتيال المعنوي) الذي بدأت تراجيديا مشاهده تحتدم بعيد وصول الرجل إلى القصر الجمهوري، وتزامنه مع أدبيات إدارته لكابينة قيادة حزب المؤتمر الوطني.
* فكثير من مناهضي زب المؤتمر الوطني لم يصدقوا أنهم قد تخلصوا من رجل الحزب القوي دكتور نافع علي نافع، حتى وفاجأهم البروف غندور بمقدرات حصيفة وشخصية ثابته ترقد على مستوى هائل من الخبرات النوعية والثقة.
* ولو سُئلت عن المفاجأة في (ليلة قاعة الصداقة) التي يحتدم الجدل حول دراما خطابها، لقلت إن المفاجأة كانت هي البروفيسور إبراهيم غندور نفسه، ذلك الرجل الثقة الذي يجلس بكبرياء وجسارة إلى جانب السيد الرئيس، ثم كانت تلك التقدمة الرصينة التي زف بها سعادة الرئيس إلى منصة الحديث.
* كثيرون كانوا يعتقدون أنهم قد تخلصوا من آخر الأذكياء مع ذهاب نسخة شيخ علي ورفاقه من الذين عركتهم التجارب السياسية والتنظيمية والمنبرية حتى.
* أن يظهر أسد آخر على طريقة عادل إمام (أنا يظهر لي أسد) فتل صدمة لم يستوعبها الكثيرون حتى الآن من الذين لم يقرأوا سيرة الرجل الجهيرة ومسيرته الشهيرة.
* لم يأت الرجل غندور من فراغ، كان الأخ عبد الوهاب محمد أحمد الأمين العام لمجلس إدارة بنك العمال، الذي عرف غندور عن قرب على أيام رئاسته لمجلس الإدارة بحكم منصبه كرئيس لاتحاد عام عمال السودان، كان يقول لي (إن هذا الرجل وبهذه المقدرات النوعية لن يترك طويلاً على منصة العمال ونخشى أن يصدم العمل برحيله غير المخطط وهذا ما حدث.
* أصلب الكوادر السودانية في كل الأحزاب والمدارس الفكرية هي التي تربت وترعرعت على منابر إتحادات الطلاب ونقابات العمال، فكانت هذه المنابر بمثابة المدرسة الأولى التي تعلم فيها هؤلاء كل أدب الإدارة وفنون المساجلات والمناظرات وتقديم المسوغات.
* وأذكر أن أول تصريح للبروف غندور معالي مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، كانت صادمة جداً للذين (يخدمون) ملفات الفساد ويرسخون إلى ثقافة أن البلد قد خربت خراباً لا يمكن تجاوز محطاته أبداً..
* كانت عبارة غندور التي لم يملك الآخرون غير الاحتفال بها على طريقتهم والازعان لسطوتها، قال (إن الفساد جلباب فصله آخرون بعناية وبمقاسات فلبسناه)، فهذا التعبير قد أذهل كل (الترزية الجدد)، وبالمناسبة هل كان الرئيس في يوم فاسد، وهل كان شيخ علي متهماً في يوم في قضية (تضخيم ثروة)، ذلك الرجل الذي ذهب من القصر إلى (بيت الإيجار)، هل كان أسامة وكمال والجاز والنافع موقوفين في قضايا فساد، هل كان رجال الصف الأول والثاني ..
* وللذين يقرأون بتطرف، نعم هنالك تهم فساد ومظاهر ومظان اختلال في أكثر من مكان، لكننا نحتاج لأحكام قضائية فاصلة تحول الجرائم والتهم التي يهندسها البعض إلى مسوغات حقيقية.
* لكن أن نزعن إلى المقولات المخدومة بأن (الناس ملكي) فهذا ما يسقط الدولة السودانية، يطربني جداً أن نطرح ثقافة المخارج والحلول لأدبيات التراجع والتقاعس التي نرسخ لها ولمؤسساتنا، كما لو أن هنالك مؤامرة لإسقاط الدولة السودانية برمتها فلتذهب الكومة، ولكن يجب أن تبقى الدولة.
* لكن غندور (غير) كونه قادر على فرز تلك الألوان، وهذا ما لا يريده الآخرون.. (وثوبك مفصل وجاهز)
* أسوق هذه الأفكار وأرسم ملامح هذه الخريطة بين يدي (معالم حملة مخدومة) تفتأ توظيف (تراجيديا خطاب الرئيس) لاغتيال هذا الحلم الجديد على أن مجموعة (غندور الجديدة) تخذلها الكفاءة والكياسة، وهذا اغتيال مستحيل.
مخرج.. إن ذُكر الشباب فالبروف يحتفظ بكل ملامحه، وإن ذُكرت الجسارة (فرجل العبابدة) القادم من بحر أبيض ومن منابر الاتحادات يمتلك كل مقوماتها فضلاً عن أنه = ما شاء الله = رجل دولة بامتيار.
مخرج.. انتبهوا.. هناك حملة لتحطيم كل طموح جديد.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي