حزب الدقير.. هل يفلت من مأزق القبلية؟

يعيش الحزبان الاتحادي الديمقراطي الأصل، وقرينه الاتحادي المسجل هذه الأيام، أزمة تنظيمية طاحنة تتعلق بكيفية مشاركة الحزبين في حكومة الوحدة الوطنية القادمة مع المؤتمر الوطني وفق الحصص التي تم الاتفاق عليها، وحسب التصريحات المنسوبة إلى قيادات الأصل جناح السيد محمد الحسن الميرغني فإن مشاركة حزبهم في الحكومة تجيء وفق النسب المعلومة المتفق عليها، بيد أن القيادي المعارض من ذات الحزب علي السيد- الذي يمثل التيار العريض الرافض لمبدأ المشاركة من الأصل- يؤكد في تصريحات منشورة في الصحف اليومية أن مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة معيبة ومنقوصة وتفتقر إلى الندية مقارنة بتأريخ الحزب الاتحادي المشرف في كافة مشاركات الحزب في الحكومات والحقب الوطنية، وهي تصريحات دعمها لاحقاً البيان الذي أصدره الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل اللجنة التنفيذية الخرطوم، ونشره عبر الصحف على نطاق واسع، يرفض فيه مسرحية الانتخابات الأخيرة، وما أفرزته من حصص ضئيلة للحزب الاتحادي الأصل، لا تتناسب وحجم حزب الحركة الوطنية الأول، ويشير إلى مقاطعة جماهير الحزب للانتخابات، ولعموم المشاركة في حكومة المؤتمر الوطني مبدأ أصيلا من مبادئ الحزب الاتحادي الأصل.
من جانبه وحسب المصادر نظر المكتب السياسي للحزب الاتحادي المسجل برئاسة جلال يوسف الدقير في اجتماعه أمس كيفية مشاركة الحزب في البرلمان وحكومات الولايات واختيار ممثلي الحزب في المناصب الدستورية، وتم الاتفاق على إعطاء القيادي السماني الوسيلة رئاسة لجنة في البرلمان، فيما يستمر التشاور لتسمية منسوبي الحزب المرشحين للمناصب الدستورية في حكومات ولايات الشرق خصوصاً ولاية كسلا، وحسب ما رشح من نقاشات فإن الحزب الاتحادي المسجل يواجه أزمة ماحقة في ظل تنامي الأصوات التي ترمي إلى ضمان مشاركة شخصيات لها منطلقات قبلية في نيل المناصب الدستورية في ولاية كسلا، وهو الأمر الذي يرفضه رئيس الحزب استناداً إلى الكفاءة وليس القبلية، ويرى رئيس الحزب أن الكفاءة هي التي فرضته شخصياً على رئاسة الحزب وليس القبيلة بالتالي لا مجال للرهان على العصبيات القبلية في الاستئثار بالمناصب الدستورية اتساقاً مع سياسة الدولة الرامية إلى نبذ القبلية، والتركيز على أصحاب الكفاءات، ولو كانوا من خارج النطاق الجغرافي للولايات، ومن الواضح أن الحزب الاتحادي المسجل ينظر إلى اختيار شركائه في حزب المؤتمر الوطني الحاكم لولاة ولايات الشرق من خارج الدائرة الجغرافية لولايات شرق السودان- ينظر إليها باعتبارها مؤشراً إيجابياً يؤكد تعافي الممارسة السياسية أو بالأحرى هي في طريقها إلى التعافي، فوالي ولاية كسلا جماع آدم جماع تم تعيينه من أقصى غرب السودان ليتولى إدارة ولاية تقع في أقصى شرق السودان، وكذا الحال بالنسبة لولاية البحر الأحمر التي تولاها حامد علي أحمد وهو ليس من مناطق البحر الأحمر، وكذا وتم تعيين والي ولاية القضارف، وفي هذا إشارة واضحة إلى بروز نهج سياسي من داخل الدائرة الضيقة لاتخاذ القرار في قمة الحزب الحاكم، نهج لا يعبأ بالعصبية القبلية أو الجهوية الأمر الذي يراهن عليه العديد من قيادات الحزب الاتحادي المسجل في نقاشات المكتب السياسي الرامية إلى إسقاط دعاوى تسمية وزراء الحزب في ولايات الشرق على أساس قبلي يرضي أبناء ومنسوبي القبائل في تلك الولايات، وإذا ما قدر النجاح لنهج الكفاءة في اختيار وزراء الحزب الاتحادي المسجل ولو من خارج إطار جغرافية شرق السودان فإن البلاد ستعبر من نفق العنصرية والقبلية والجهوية إلى رحاب الممارسة السياسية على أساس الكفاءة وفق نظام وحدة وطنية حاكم.

التيار

Exit mobile version