ما حدث ويحدث في مصر حدث قبلها في تركيا رغم أن مرسي لم يفعل ذرة مما فعل عدنان مندريس لمصلحة الإسلام – تعرفون عدنان مندريس- ، ولماذا لم يذكره التاريخ المزور؟، قبل ذلك أود أن أذكر بأن أتاتورك عندما أعلن الجمهورية عام 1923 خلع تركيا من كل تاريخها وإرثها وحضارتها وألغى الخلافة الإسلامية التي كانت قد جعلت من تركيا سيدة على العالم وأوشكت أن تحتل كل أوروبا لوﻻ خيانة الصفويين في إيران ، أتاتورك منع حتى الأذان ومنع تدريس الإسلام والقرآن في المدارس، وفرض الزي الأوروبي على النساء والرجال وفرض حتى الطربوش ومنع اللحى والشارب، وشن حملة على كل شعائر الإسلام واستبدل الحروف العربية بالإنجليزية في كتابة اللغة العربية.
أما عدنان مندريس فهو رئيس الوزراء التركي الذي أعاد الأذان باللغة العربية إلى تركيا ومات شنقاً على أيدي العسكر.
دخل الانتخابات مرشحاً للحزب الديمقراطي سنة (1950م) ببرنامج عجيب توقعت له كل الدراسات الأمريكية الفشل المطلق، كان البرنامج لا يتضمن أكثر من:
عودة الأذان باللغة العربية، والسماح للأتراك بالحج، وإعادة إنشاء وتدريس الدين بالمدارس، وإلغاء تدخل الدولة في لباس المرأة.
كانت النتيجة مذهلة، حصل حزب أتاتورك على اثنين وثلاثين مقعداً، فيما فاز الحزب الديمقراطي بثلاثمائة وثمانية عشر مقعداً، وتسلم عدنان مندريس مقاليد الحكم رئيساً للوزراء، وجلال بايار (رئيس الحزب) رئيساً للجمهورية، وشرع لتوه ينفد وعوده التي أعلن عنها للشعب أثناء العملية الانتخابية.
واستجاب مندريس لمطالب الشعب فعقد أول جلسة لمجلس الوزراء في غرة رمضان، وقدم للشعب هدية الشهر الكريم:
( الأذان بالعربية ، وحرية اللباس، وحرية تدريس الدين، وبدأ بتعمير المساجد).
ثم جاءت انتخابات عام (1954م) وهبط نواب حزب أتاتورك إلى (24) نائباً، واستكمل مندريس المسيرة فسمح بتعليم اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية، وأنشأ (١٠ آلاف) مسجد، وفتح (25 ألف) مدرسة لتحفيظ القرآن، وأنشأ (٢٢) معهداً في الأناضول لتخريج الوعاظ والخطباء وأساتذة الدين، وسمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام والسير على هديه، وأخلى المساجد التي كانت الحكومة السابقة تستعملها مخازن للحبوب وأعادها لتكون أماكن للعبادة .
وتقارب مندريس مع العرب ضد إسرائيل، وفرض الرقابة على الأدوية والبضائع التي تصنع في إسرائيل، وطرد السفير الإسرائيلي سنة (1956م)، عندها تحركت القوى المعادية للإسلام ضد مندريس، فقام الجنرال (جمال جو رسل) سنة (1960م) بانقلاب عسكري كانت نتيجته شنق عدنان مندريس وفطين زورلو وحسن بلكثاني.
وكتب الصحفي سامي كوهين: لقد كان السبب المباشر الذي قاد مندريس إلى حبل المشنقة، سياسته التي سمحت بالتقارب مع العالم الإسلامي، والجفاء والفتور التدريجي في علاقتنا مع إسرائيل.
والحقيقة ما قتلوه إلا ﻷنه أعاد تركيا إلى الإسلام.
يرحم الله شهيد الإسلام عدنان مندريس الذي حاول أن يعيد تركيا إلى سابق مجدها لكن عسكر أتاتورك انقلبوا عليه. وكأن التاريخ يعيد نفسه، الآن يحاول أنصار أتاتورك بمعاونة أمريكا وإسرائيل وبعض الأنظمة العربية العلمانية المعادية للإسلام أن يعطلوا حلم عودة تركيا إلى هويتها بعد أن قصقص أجنحة العسكر الذين ما عادوا يشكلون خطراً على الديمقراطية التي جاءت بأردوغان. أموال بذلت ومؤامرات حيكت وفتن كقطع الليل أثيرت لكي تقصي أسد الإسلام في تركيا. لم يشفع لأردوغان أنه قاد انطلاقة تركيا نحو النهضة والمجد فجعل منها قوة كبرى وأدخلها نادي الدول العشرين العظمى، فقد تمكن أردوغان خلال 12 عاماً من حكمه من نقل تركيا من المركز رقم 111 في العالم إلى المركز رقم 16 في العالم، لكنه رغم ذلك لم يتمكن خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة من حصد الأغلبية ليحكم منفردا، الأمر الذي اضطره لأول مرة لأن يدخل في تحالف مع حزب علماني سيحد من انطلاقة تركيا نحو الأهداف التي كان أردوغان يرجوها، ونجحت المؤامرة نوعا ما رغم أن هدفهم كان إقصاء الرجل تماما حتى تعود تركيا إلى الأتاتوركية وعهود التبعية والعداء للإسلام والتنكر لهويتها ولأمجادها التي سادت بها العالم لقرون عديدة.
رحم الله مندريس ونصر أردوغان إنه سميع مجيب.