بدءاً الرنة الأولى.. في كل مكان.. هذا الهاتف الذكي يكاد يذهب العقل.. انشغل الجميع به لدرجة الادمان المتكرر.. ففي جميع المجالس أو على الأقل معظمها يتصدر اهتمام الجالسين ويجعل محور كل واحد منهم شاشته لدرجة الشد والانجذاب البعيد.. «صديقتي» تدمنه بصورة مخيفة تكاد لا تفارقه لحظة واحدة وتعشق التصوير به «عدلة وقلبة» ما يعرف بأخذ الصور بنفسك «سلفي» كما تقول هي.. شدتني دراما قبل كم يوم تعرض انشغال جميع أفراد أسرة ما بالموبايل بدرجة «خرافية» حتى عندما توفى «رب الأسرة» وهو ممسك بالموبايل جلس ابنه الى جواره يلتقط صورة «سلفي» له مع والده المتوفي.. انتهى المشهد الدرامي المعبر.
ذات الإحساس انتابني وأنا جلوس وأنا زائرة لأسرة جميعنا ممسكاً بهاتفه ثم نسترق دقيقة لنشعر بعضنا البعض إننا مركزون معهم «اي.. اكيد.. تمام» هي عينات الردود للونسة المفترضة.. «ترى ما السر لانشغالي بهذا الهاتف الذي قرب البعيد وأبعد القريب.. أو كما يقولون الرنة الثانية.. الصور لصواني الافطارات التي توزعها النسوان «المقدرات».. نظام شوفوا إفطاري عامل كيف.. في لحظات تحسب أن تكون للدعاء والرجاء.. لك أن تتخيل حجم هذا الهدر لزمن رمضان الغالي في بعض مساجلات مجازية لجدل «صينيتنا أحسن من صينيتكم».
رنة ثالثة لتلك الصور التي ترسل من البعض من داخل المساجد اثناء الصلوات.. ترى كيف تؤخذ هذه الصور خاصة التي يتوسط فيها المصور بحكم المشهد جموع المصلين.
رنة رابعة.. أعداد مهولة من الأحاديث والأسانيد الفقهية التي لا تدرك مدى صحتها تلف بقصص مصاحبة للتدليل على بعض تفاصيل تلك القصص.. أحياناً بصورة لا يستوعبها العقل وأحياناً أخرى في خلط لمزج مخل من الخيال القاصر.. ترى هل هذه القصص التي تملأ مساحات التواصل الاجتماعي صحيحة أم أنها خيال في مرتع الجوال.
رنة خامسة.. فلان مريض بمرض خطير جداً.. يحتاج لدعواتكم «مصحوب الكلام» بصورة مؤثرة لفلان ما، وهو يتمدد في سرير المستشفى.. هل هو حقاً مريض أم أنه باب الهزل والدعابة المسيخة قد دخل على «حد المروءة والنخوة».. حيث يقوم البعض بارسال صور أصدقائهم في تلك المشاهد من باب الاستهبال.
رنة سادسة.. شكراً للصادقين الذين يجعلون من كل رنات الهاتف عملاً إنسانياً خليلاً يدخلون به بهجة على مكلوم ويذهبون به ضيماً عن حزين.
آخر الكلام:
جوالك حصانك فلا تجعله لركوب التعسر والشقاوة بل عزز به رنات الرحمة والتكافل والإنسانية «الو..
مع محبتي للمجميع».