المتابع لموقف المعارضة السودانية من العملية الانتخابية، يجد أن العملية الانتخابية لم تصادف هوى أحلام القوى السياسية المعارضة، خاصة أنهم يريدون أن تأتي بعد فترة انتقالية، فكل الذين عارضوها ورفضوها مبررين بأنها جاءت قبل أن يستكمل الحوار الوطني وأن الوطني لم يستوف متطلبات الحوار من إطلاق سراح المعتقلين وتأجيل الاستحقاق الانتخابي. وبرع بعض الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، كـ«واتسآب، وفيس بوك» على نطاق واسع في إطلاق أحاديث حول قرارات بتأجيل العملية الانتخابية كما جاء قرار أحزاب المعارضة السودانية بمقاطعة الانتخابات ــ وأهمّها حزب الأمّة برئاسة الصادق المهدي بالإضافة إلى حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي ــ مما حدا بمراقبين يرون أن هذا القرار جاء نتيجة لسنوات طويلة من الصراع والخلافات الحادة بين مختلف الأطياف السياسية. الجدير بالذكر أن المعارضة اختارت في شهر ديسمبر المنقضي توحيد صفوفها خلف تحالف اسمته «نداء السّودان». ويضمّ هذا التكتل فئات متعددة بين مؤيد للتغيير السلمي وآخر للعمل المُسلّح وآخر ممثل للمجتمع المدني وهو ما خلّف صراعات بين شقّ أول يهدّد بتعطيل سير العملية الانتخابية باستعمال القوة، وشقّ آخر يفضّل الحلول السلمية. ويرى مراقبون أن هذا التحالف فشل في حشد تأييد شعبي وجماهيري في حملة «ارحل» بهدف مقاطعة الانتخابات مما حدا بالحزب الحاكم أن يؤكد تكراراً ومراراً بعدم تأجيل الانتخابات. وقال مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم غندور، إن ما أُثير حول تأجيل الانتخابات مجرد «ترهات» قصد بها إثارة البلبلة من قبل معارضة الخارج، مؤكداً قيامها في مواعيدها لتأكيد الشرعية التي سيختارها الشعب وفي يوم 27/4/2014 أعلنت المفوضية القومية للانتخابات عن فوز مرشح المؤتمر الوطني عمر البشير بمنصب رئيس الجمهورية. وحاز البشير بحسب المفوضية على نسبة 94,05 % ، حيث نال 5 ملايين و252 الفاً و478 صوتاً. وقال مختار الأصم رئيس المفوضية القومية للانتخابات في مؤتمر صحفي إن نسبة المشاركين في الانتخابات بلغت 46.4%، حيث بلغ عدد المسجلين 13 مليونا و126 ألفا و989 ناخبا فيما بلغ عدد المقترعين 6 ملايين و91 الفا و412 ومن جانب القوى السياسية المعارضة جدد حزب الأمة القومي بزعامة الإمام الصادق المهدي وقوى نداء السودان رفضهما للانتخابات وعدم الاعتراف بنتائجها وما ينتج عنها من حكومة. ودعا حزب الأمة الشعب السوداني إلى التكاتف وضم الصفوف والوقوف معاً من أجل إسقاط النظام، والعمل على بناء وطن يعيش فيه جميع السودانيين بكرامة واستقرار ومحبة.
وفى خطوة مفاجئة توقع حزب الأمة القومى تقديم الحكومة الجديدة لطرح واضح لحل مشكلات البلاد، فى وقت دعا فيه الحكومة للجلوس مع كل القوى السياسية والحركات المسلحة للاسراع فى حل قضايا البلاد، وطالب نائب رئيس حزب الأمة القومى فضل الله برمة ناصر حزب المؤتمر الوطنى بوضع نتائج الانتخابات نقطة انطلاقة عملية لإصلاح حقيقى يعم البلاد مشيراً إلى ان حزبه على استعداد للدخول فى عملية الحوار الوطنى وفق رؤية واضحة وشاملة لكل القضايا على ان تكون نتائج الحوار ملزمة لكل الأطراف بضمانات واضحة. وفي سياق ذي صلة استبعدت قوى تحالف الاجماع الوطني المشاركة في الحوار الوطني وأكدت رفضها خوض اي حوار مع حزب المؤتمر الوطني، ومن هنا تبرز عدة استفهامات عن ما هو مستقبل المعارضة بعد الانتخابات؟ وهل يمكن أن تتوحد في صف واحد؟ المعارضة في فترة قبل الانتخابات كان موقفها قوياً نسبياً، ولها شروط ولكن ما يعيبها أنها كانت متشرذمة، هذا بحسب الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي اللواء م. العباس إبراهيم الذي قال كان هنالك دعم خارجي بعد التوقيع على إتفاقية برلين في ألمانيا والتي حددت مطالبها فيما يختص بالعمل المسلح وذلك بعد دعم خارجي لدفعها للتفاوض، كذلك الحكومة والمجموعة التي تقف معها انشغلت بالإعداد للانتخابات رغم وصول الدعوة من مجلس السلم والأمن الافريقى لتحديد موعد الحوار. ومضى العباس قائلاً ان نتائج الانتخابات أعطت تأييدا كبيرا للحكومة بجانب تحقيق انتصارات في الميدان في دارفور. مبيناً ان هذا زاد من قوة موقف الحكومة، كذلك حدثت بعض الاختلافات في وجهات النظر بين المعارضة نتيجة للهزائم المتلاحقة على أرض الميدان مما جعل موقف المعارضة ضعيفاً خاصة عمليات قصف المواطنين الأبرياء والاطفال والنساء. وتوقع العباس أن يحدث اختراق في فصائل المعارضة، مبيناً أنه في السابق كانت توجد تأثيرات من الدول الغربية وبعض الدول الافريقية على المعارضة، إلا أنه بعد تحسين السودان علاقاته مع العالم العربي وبعض دول الجوار قل التأثير والدعم للمعارضة، حيث أصبح لا توجد تحركات للمعارضة سوى داخل دولة الجنوب وذلك نسبة للحرب الأهلية الدائرة وانشغال الحكومة بها. ومن خلال المعطيات يتضح ان هنالك تغييرات في موقف المعارضة من موقف القوة إلى موقف الضعف وأنها سوف تقدم بعض التنازلات وتدخل في شراكة مع الحكومة.
الانتباهة