إن كان هنالك طابور خامس للديمقراطية فذلكم هو انقسام الأحزاب السودانية.. أنا لست حزب أمة لكني أريده حزباً قوياً متماسكاً…. لأنه من كيانات الأمة السودانية وله مجده وله تاريخه وهو أداة خطيرة لتوصيل رسالتنا التربوية والفكرية وهو أداة لنقل التجارب الديمقراطية والإنسانية للأجيال الجديدة.
كذلك أنا لست اتحادياً لكني أريده حزباً رائداً وقائداً ومسهماً في حركة التقدم السياسي والتطور الاجتماعي والنهوض بالوطن .. أريده حزباً متنوعاً فيه أنفاس الحسين الثورية.. وفيه طموح وتطلعات محمد الأزهري وفيه عشق علي محمود للديمقراطية والحرية وفيه حكمة السيد “محمد عثمان الميرغني”.
ولست شيوعياً ولكني أريده حزباً مؤسساً مسيطراً على عضويته لأنني أدخره للمعارضة الرشيدة الواعية التي تراعي مصالح الوطن والإنسان والتي تعبر عن تطلعات جموع الكادحين.
فلست أريد أن تفكك الأحزاب الكبيرة فمهما يكن فهي أحزابنا.. مثلما الهلال والمريخ فريقانا.. مثل الحقيبة أغانينا.. مثل شوارعنا وأزقتنا ودروبنا مثل مياهنا وأشجارنا إنها “حقتنا” اتفقنا معها أم لم نتفق.. أعجبتنا سياساتها أم لم تعجبنا .. نريدها أحزاباً قوية وعلينا أن نصبر عليها حتى تكبر وتنمو حتى يقوى عودها وينعجم.. فهي أحزاب مسكينة لم تجد التجربة الكافية علينا أن نساعدها لتكون ولتستمر.. أن نوسع لها صدورنا فهي مازالت تحبو .. صحيح أن نموها قد تأخر ولكن علينا أن نساعدها بالفيتامينات والمقويات حتى تنمو طبيعياً بقدراتها الذاتية..
نريدها أحزاباً قوية يمولها أفرادها من المنتمين إليها .. يستقطعون من قوتهم ليقدموا لها الدعم لأنهم آمنوا بمبادئها وتمثلوها وآمنوا بأنها تعمل على تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم.
ولكن الخلافات قد حدثت وشهدت المرحلة نقداً مريراً للأحزاب.. وطالبتها الجماهير الواعية بتجديد قياداتها وبمنح فرصة للشباب والمرأة.. ومساحة للمستقبل للأطفال.
بالله عليكم منذ أن حطت الأحزاب رحالها على أرض الوطن ماذا قدمت دورها ماذا قدمت لعضويتها.. أين دار الحزب التي يقيم شبابها الندوات الثقافية الفكرية.. أين منتديات الأطفال فيها .. ما هي مشاركات الأحزاب في حقول الرياضة والثقافة والمجتمع..
كم معرض أقامته الأحزاب كم حفل غنائي.. كم منشط رياضي رعته.. أين الكتب التي أنتجتها حتى عن تاريخها القريب.. من قرأ لائحتها وأين وضعتها.. هل طالعتم برنامجاً للحزب يستلهم فيه الماضي ويوضح أرضية الحاضر ويستشرف المستقبل.. كيف احتفلوا بذكرى أكتوبر ومايو والاستقلال..
أين الوثائق التي يملكونها عن أكتوبر، أين مخطوطات مقاومتهم لمايو .. أين الصور والأفلام عن دور قياداتهم في تحقيق الاستقلال.
نريدها أحزاباً قوية متماسكة.. حتى تنجز لنا كل هذا في أقرب فرصة.. وعلى قادة الأحزاب أن ينتبهوا لتحذير دكتور منصور خالد لهم حين طالبهم بأن يدركوا ديناميكية العلاقة بين الجديد والقديم في وطن أكثر من نصف سكانه دون الثامن عشر.