أكثر من ربع قرن من النضال أنفقه اليساريون السودانيون في مواجهة الإنقاذ التي أتت على ظهور خيول إسلامية، قال أحد كوادر اليسار ذات لحظة اعتراف عالية المصداقية، قال لقد استخدمنا كل المفاتيح البلدية لحل مكانة الإنقاذ وتبقت أمامنا المفاتيح الأجنبية، والتي هي الأخرى تتعثر، والرجل على الأقل ينسب الأمر إلى ضعف المعارضة مجتمعة وليس لقوة الحكومة ولسان حاله، بكل تداوينا ولم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد.. على أن قرب الدار ليس بدافع أن كنت من تهواه ليس بذي عهد و.. و..
* كثيرة هي المرافعات والمسوغات التي يشهرها اليسار في وجه الإسلاميين لكن أكثرها غرابة، هو مسوغ (ان الإسلاميين لم يتمكنوا من الحكم بالشريعة الإسلامية)!!، وهنا ينتابك سؤال ملح، هل هذا ناتج عن أن اليسار أصبح أحرص الناس على حياة إسلامية من الإسلاميين أنفسهم، وهو بذلك يرغب في من أهم أفضل تطبيقا !
والإجابة بطبيعة الممارسة الطويلة هي ﻻ وألف ﻻ، ولكن ليحقق اليسار من وراء ذلك نبوته القديمة الجديدة التي تقول” يجب وضع كتاب الله بعيدا عن ممارسات الحكم والسياسة حتى ﻻ نشوهه !!
* والسؤال هنا، هل يقبل عموم المسلمين – إن قبل الإسلاميون ولن يقبلوا – أن يكون أمر الدين والمشروع الإسلامي بين إفراط الإسلاميين وتفريط اليساريين !! ولاسيما قد تمكن الإسلاميون خلال نصف قرن من الحراك الفكري والسياسي، قد تمكنوا من جر الكتلة الصوفية الضخمة إلى أتون المعترك، تطبيق الشريعة الإسلامية، ثم أتاح حرية دعوية للكتلة السلفية بحيث تمكنت هي الأخرى من بناء كيان سلفي سوداني متماسك ومتنامٍ، وهو في نهاية المطاف رصيد للمشروع الإسلامي السوداني، على أن جميع المدارس الإسلامية في لحظة خطورة بالغة يمكن أن تعبر جسر الخلاف المذهبي لحفظ بيضة الدين و.. و..
* وفي المقابل لك أن تسأل عن ماهية التحالفات والتجمعات التي تمكن اليسار من صناعتها لمواجهة الإسلاميين !! مجموعة تكتيكات مع الحركات المسلحة والحركة الشعبية تارة، وتارة مع قوى الداخل، غير أنها جميعا لم تصمد أمام التحديات التي واجهتها، فعلي الأقل إن (تحالف المعارضة الديمقراطي) الذي يقوده الكادر اليساري أبوعيسى هو الآخر يعيش أسوأ مواسم تصدعه، فلقد غادره المؤتمر الشعبي والاتحاديون وربما حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي و.. و..
* وقديما قيل “إذا لم تستطع هزيمة عدوك فتحالف معه”، وهذا مستبعد تماما، لكن الراجح أن يستخدم اليسار سلاح.
(معاش الجماهير) ببراعة، وإذا ما تقاعس الإسلاميون في تلبية رغبات الجماهير التي تتعلق بالمعاش والتوظيف وتراجع الخدمات، ربما ينجح اليسار السوداني بالخروج بالجماهير إلى ميدان الثورة تحت لافتة (قضايا الجماهير) الملحة !!