لي قناعة راسخة، أن الأسترالي جوليان أسانج، صاحب وثائق ويكليكس، ينشر وثائق سرية حقيقية غير مفبركة على الإطلاق..
هذا الرجل المولع بأجهزة الحاسوب ونُظُم التشفير منذ صغره، أُدِين لأكثر من مرة بأعمال قرصنة والدخول لمواقع سرية صعبة الاختراق، فكان من المتوقع أن يكون مستقبله المهني والعملي محصوراً في هذا الإطار..
تمكن أسانج مع أربعة أفراد فقط من اختراق أعقد الأنظمة الدولية وأجهزة الإستخبارات الغربية، لتسريب أضخم كمية من البرقيات السرية.
اخترق أسانج الموقع الخاص بوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين وحصل على آلاف الوثائق السرية والخاصة وقام بنشرها على موقعه في الانترنت “ويكيليكس”، لذا هو مطالب وملاحق من الولايات المتحدة لأنه متهم “بتسريب” وثائق سرية أضرت بالأمن القومي، وليس “فبركة وثائق”..!
هناك فرق بين فبركة المعلومات التي تحتويها الوثائق، وبين الوثائق نفسها.!
يوم الأحد الماضي كتبت تقريرا عن وثائق ويكليس، وكان لإدارة التحرير رأي في وضع عناوين معينة في المادة فُهِم منها أن ما تسرب من الوثائق المتعلقة بالسودان القصد منه الإضرار بعلاقات المملكة والسودان، ومع فقرة صغيرة “وضعت” أيضا في التقرير، فُهم أن الغالب حول هذه الوثائق أنها مفبركة.
إن تحدثنا بصورة عامة وليس الوثائق المتعلقة بالسودان فقط، فهناك معلومات كثيرة مغلوطة وغير صحيحة أثبتتها الأيام، فتلك البرقيات الصادرة من سفارات الدولة في البلدان المختلفة إلى وزارة الخارجية تشير إلى اعتماد السفارات في بعض الأحيان لمعلومات غير دقيقة، وللأسف تؤسس عليها أحكاما تضر علاقات الدول.!
بعض السفارات تعتمد على مصادر غير مطلعة، وترسل تلك المعلومات المغلوطة إلى دولها لتقول لهم “نحن شغالين”.!!
ومهمة السفراء تشابه ما تصوره وثائق ويكليكس، تجميع المعلومات وإرسالها..!
إذا التشكيك يصيب المعلومة وليس الوثيقة التي تحاول الحكومات إنكارها عادة، وعلى النقيض فإن وسائل الإعلام العالمية تتعامل مع ما تنشره ويكيليكس بقدر عال من المصداقية.
السعودية كانت ذكية في التعامل مع هذا التسريب حيث قال رئيس الدائرة الإعلامية في الخارجية السعودية، أسامة بن نقلي “إن ما جاء في وثائق ويكيليكس المسربة لا يخرج عن إطار السياسة المعلنة للمملكة بشأن مختلف القضايا” مضيفا أن الهجوم الإلكتروني المنظم لم يتمكن من اختراق معظم الوثائق المحمية والتي تعد بالملايين.
أسانج ورفاقة الأربعة، ليسوا أغنياء، ولا قدرة لهم لتأليف ملايين الوثائق وفبركتها، لكن لهم القدرة بأنظمة متطورة وحديثة باختراق أعقد الأنظمة البرامجية المؤمنة ضد القرصنة.!
لا أحد يستبعد وجود أجندات مسبقة لهم في توقيت النشر، وربما قرار النشر ليس منفردا، وربما أيضا يكون التوقيت بإيعاز من جهة ما، لكني أعتقد أن الرجل بدأ بداية صحيحة، حينما قرر نشر الوثائق المتعلقة بالولايات المتحدة، فكشف وفضح أسرارها قبل أي دولة أخرى، لكي ينفي عن نفسه شبهات كثيرة كانت ستحيط به.!