إلى والي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين، إلى وزير الصحة الولائي، إلى الجهاز القضائي وأهل القانون، إلى اتحاد الصحفيين، أسئلة متشابهة وإجابة واحده، ثم تتداعى الأشياء.
هل التصوير ممنوع داخل مستشفى الخرطوم وخارج أسواره؟ هل هو مستشفى أم منطقة عسكرية؟ وهل يحق لأحدهم (أي أحد) أن يعتقل صحفياً ويُسائله حتى ولو لثوانٍ لأنه صوّر خارج سور مستشفى الذرة حافلة كحافلات الركاب داخلها (نفايات)؟ ثم يمسح الصور كلها من الكاميرا؟
حسناً، إذا فعل أحدهم ذلك، فهل هو مذنب أم على حق؟
نريد إجابات، لكننا قبل كل ذلك نريد أن نعرف حدودنا القانونية نحن الصحفيين وحدود أفراد حراسة المرافق العامة القانونية، حتى لا نشتبك ونتعارك ونتجادل، هذه الحدود ضرورية، فهل واجب حراس المرافق العامة منع الصحفيين من التصوير أم لديهم واجبات أخرى؟
كل هذا الجدل نجم جراء حادثة وقعت أول أمس أمام مستشفى الذرة بالخرطوم، فبينما كانت الزميلتان (زهرة عكاشة وسارا المنا) في طريقهما إلى حيث المواصلات وقع بصرهما بحسب إفاداتهما على حافلة (كحافلات الركاب) تقف أمام مستشفى الذرة ممتلئة بالنفايات، فما كان منهما إلاّ أن قررتا تصوير هذا المشهد بما يمليه عليهما ضميراهما وواجبهما المهني، ففعلتا.
لكن ما حدث بعد ذلك أمر يستحق الوقوف والمساءلة، حيث تم استدعاؤهما من قبل (أحد) أفراد الحراسة وتمت مساءلتهما وجرى ما يشبه التحقيق الشفاهي معهما داخل أحد المكاتب بمستشفى الذرة ومُسحت الصورة التي تم التقاطها وحُذرتا من تكرار هذا الفعل مرة أخرى ثم تم صرفهما.
الشاهد في الأمر، أنه حتى ولو عُدَّ المستشفى (منطقة محظورة) على الصحفيين مثله مثل المؤسسات العسكرية والأمنية، فهل الشارع الذي يطل عليه هذا المرفق العام منضوٍ تحت هذا الحظر والمنع؟ ولماذا تمنع إدارة مستشفى الخرطوم أو أي مرفق خدمي عام آخر التصوير إذا لم يكن هناك ما تخشى الاطلاع عليه؟
وعليه، فإننا نريد إجابة من والي الخرطوم بصفته المسؤول الأمني الأول في الولاية الذي سيحل ضيفاً على (خيمة الصحفيين) اليوم الخميس، عن مدى قانونية هذه الإجراءات؟ كما نريد منه إصدار قرار يسمح للصحفيين بدخول المرافق العامة وتصويرها والحصول على معلومات صحيحة من مصادرها، حتى يتسنى لهم ممارسة عملهم بصفتهم سلطة رقابية.
بطبيعة الحال، فإن العابرين أمام مستشفى الذرة لن تعمى عيونهم من رؤية أكوام الرمال وجموع مرضى الجزام وأرتال الباعة والفريشة الذين يتخذون من حرم هذا المرفق المهم، مناماً ومقاماً وسوقاً لهم، لكن ستعمى أعينهم عن رؤية لافتة المستشفى التي أصبحت داكنة مطموسة الحروف، حتى أنها شوهت واجهة المشفى العريق.
وأخيراً، سيحترم الصحفيون القانون ولن يعمدوا على خرقه إذا كان هناك بالفعل قانون يمنعهم عن تصوير المرافق العامة، لكن إلى الآن لم يتنام إلى مسامعنا الكريمة أن هنالك قانوناً كذلك، وإلاّ فقولوا لنا أو كفوا عنا.