من جديد ومثل كل عام ثار الجدل والنقاش حول البرنامج الرمضاني (أغاني وأغاني)، ومثل كل مرة انقسم المتحاورون مع وضد البرنامج، وطال النقد بلا شك مقدمه الأستاذ المخضرم السر قدور، ومجموعة المؤدين الموسميين الذي يشاركون في تنفيذ الحلقات، كما تركزت الآراء وتبارت في توضيح أفضل من أدى الأغاني ومن هو صاحب الصوت الأجمل والأداء المميز، لا سيما من الأصوات المضافة حديثا سواء من الفنانات أو الفنانين الشباب. لكن وبرغم الهجوم النوعي الذي يتعرض له البرنامج ومقدمه وبعض نجومه كل عام والذي تصاعد بشكل خاص في هذا الموسم؛ يظل البرنامج صاحب الشعبية الأكبر بين المشاهدين وربما يحظى بأعلى نسبة مشاهدة بين كافة القنوات الفضائية السودانية.
مستويان من النقد واجها البرنامج هذا العام، مختلفين من حيث التناول السطحي والعميق، المستوى الأول ركز فيه المنتقدون – وهم الأغلبية – على أشكال الفنانين وطريقتهم في الجلوس والإمساك بالمايك وما يرتدونه من أزياء وأحذية، تاركين بالطبع البعد الأساسي للبرنامج وهو التوثيق، إلى جانب إهمالهم النقاط المهمة في نقد الفنان، وهي كيفية أدائه للأغنيات، ومدى تمكنه من إجادة الألحان، وإذا ما كان بإمكانه إضافة بصمته الخاصة إلى الأغنية المؤداة، وبالتالي شحن اللحن بروح جديدة تضاف إلى روح صاحبه الأول وتخليده وتجديده أكثر.
المستوى الآخر من النقد الذي واجه البرنامج هذا الموسم، يبدو أكثر عمقا ويركز بالتحليل على طبيعة البرنامج، والهدف من استمراره كل هذه السنوات، وما إذا كان يضيف جديدا إلى مسيرة الغناء والفن السودانيين، إلى جانب طرح التساؤلات عن مدى موثوقية (الذاكرة القدورية) في حال تم الاتفاق على الدور الوثائقي للبرنامج، وهو أمر مختلف حوله أيضا بين المتحاورين والناقدين، كما أثار أصحاب هذا المستوى من النقد مسألة الحقوق، وما رأوا أنه انتهاك سنوي – موسمي لحقوق شعراء وفنانين وعازفين يتم باسم (التوثيق)، وعن استرزاق من ينتسبون للبرنامج كل عام من الأعمال المقدمة، منتقلين من مكان إلى آخر وهم يؤدون حقوق الغير، والجزئية الأخيرة (أغاني الغير) وجدت مساحة كبيرة أيضا من التناول وتساءل عبرها المنتقدون عن هل يعمل البرنامج وبهذه الطريقة الاستعادية التكرارية التمجيدية في إعاقة المواهب الجديدة وقتلها قبل أن تنتج أعمالا أخرى – عبقرية؟
من أي زاوية تنظر إلى برنامج أغاني وأغاني، وإلى أي مستوى تنحاز؟