الأفق من حولي يضيق يطبق على مساحات الأضلع، وزوايا الرؤية تنفرج في ضباب باهت الحواف، أجواء مفعمة بالإعتصار والألم، وأنا لا أقدر ولا اقوى على أي حراك، إلا أن اسلم الراية واعلن الإنهزام، مادامت كل تلك المحبة عندك مجرد فعل نكرة لا يحتمل الاجتهاد أو المحاولة.. شكراً على لحيظات اعتقدت فيها واهمة اني امتلك الكون كونك خصصتني ببعض احتفال نفسي.. شكراً يبدو أنك تفجرت عطايا عندما جاوزت حدود الجفاف بكلمات مجاملة حدها مخرج الشفتين.. شكراً لك انك عرفتني حدودي مداخلي ومخارجي والزمتني المكان والمحل.. صدقني لم تكن مخطئاً لكني أنا المخطئة أني ظننتك بحراً للسماح أرِّدْ منه حاجتي.. وأطفئ به لهبة النار الفائزة، شكراً لك أنك أخذت اصبعي وغرزته في عين الحقيقة وأدممت بذلك كبداً كانت تحتضن أوهام بعيدة المنال.. وعذراً نفسي روحي أني أوردتكما مهالك الاحساس والعصب.. ما كان ينبغي علىَّ ان استطردت في حالة الأحلام والنوم ملء الجفن.. حيث لامكان للأحلام الوردية اليوم فكل ما تفتقت أو تبرعمت خاطرة كلما كان لها ألف الف منافحاً ومكافحاً.. كلما اينعت ازبلتها الوقائع والحوادث والأقدار.. لذلك كله دعني اصبر نفسي طائعةً ان لا حلم بعد اليوم.. على أن أجافي كل ما أحببته في هذه الدنيا بدءاً من التفاصيل الصغيرة، حتى أرق دقائقها.. اتركها جانباً.. لعلي أدرج بها إلى أن أصل مرحلة الزهد في حبك والتعلق بك.. على أن أترفق بحالي.. ان اطفئ اسرجة الأنوار في كل متاهات وأنفاق حياتي التي قدتها طائعة اليك.. اعذرني فقد كنت يوماً في مكان التائه الذي لا يعرف أين ستحل رحائله التي لم يكن مقصدها الانتهاء اليك، فلا تجهد نفسك، انني عرفت الآن ما علي فعله.. ما على إدراكه.. نعم اصدقك أنني لا أحقد على ظرفي ولا على احداثيات الايام التي دفعتني اليك بنبض صادق.. لا أحمل تجاهك الآن أي من المشاعر السالبة أو الموجبة.. نم ملء عيونك لا تحمل هماً نحوي.. فمثلما توصلت لزجري ورفع عصا اليقظة من التوهم في وجهي ارفع في وجهك الانهزام والانسحاب وإعادة نشر القوات خارج حدود محرابك ومحبتك لا أقول انك لا تستحقها لا والله لانها غالبتني وهزتني، ليس ذنبك انك لم تحس بكل تلك الاحاسيس الجياشية أو لم تستوعبها.. ليس ذنبك انك لم تحملني الى مراكز التذاكر والتمثل الدائم في الخاطر والوجدان.. ليس ذنبك أنك لم تحملني مثلما حملتك حباً وهياماً.. ليس ذنبك أنك لم تعشقني حد الثمالة كما عشقتك.. لكن ذنبك علي ان أقدر لك كل المجاملات اللطيفة والمداراة طويلة الأنفس.. وأعلن الانسحاب غير التكتيكي.. انسحاب انساني لا مجال للمجاملة فيه.. أو المعاودة المهزومة.
آخرالكلام..
وداعاً لحلمٍ ما فُتئ يقتلني ويحيني.. يحزنني ويسعدني.. يحملني الى العلياء ويرتد بي إلى الدرك.. وداعاً بلا محطات بلا مناديل مبللة فقد صببتها وحيدة هناك.. وداعاً أيها الرجل القاسي القلب.. حماك الله ورعاك.. (مع محبتي للجميع).