كنت على ثقة بأن احتجاز أحمد منصور في مطار برلين وما تبعه من إجراءات لن يستغرق هذا الأمر وقتاً، حتى يتم إخلاء سبيله وأن الخاسر في نهاية الأمر سيكون هو النظام المصري الذي ارتدت عليه الكرة بخيبة وإحباط وصفعة أليمة في الوجه.. لأن مثل هذه الدول الأوروبية، وغض النظر عن نواياها وأجندتها تجاه بلداننا لكنها دول عبرت وتجاوزت مراحل الفوضى والتسلط والسياسات المزاجية.. دول بها مؤسسات قانونية محترمة تعرف حدودها جيداً ويعرف الآخرون حدودهم معها..
الصفعة الألمانية لمصر ولنظامها وقضائها كانت كبيرة وتمثلت في ما قامت به السلطات القضائية الألمانية بعد تنفيذ طلب مصر باحتجاز أحمد منصور إذ قررت استشارة وزارة الخارجية الألمانية بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر وإذا ثبت أن لقضية منصور بعداً سياسياً يتم إلغاء قضيته وإخلاء سبيله .
وبالفعل لم يتردد القضاء الألماني في إطلاق سراح منصور فور تلقيه الاستشارة بخصوص أوضاع حقوق الإنسان في مصر، تلك الاستشارة التي لم تتأخر ولم تكن تحتاج لبحث طويل بل تم تزويدهم بها فوراً لأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر أوضح من الشمس.. مصر التي يصدر قضاؤها أحكام الإعدام الجماعية على معارضي النظام، القضاء الذي يبرئ حسني مبارك ومعاونيه ويحكم بإعدام مرسي ومن معه!
ولو قلنا إن ألمانيا قد أساءت التصرف باحتجازها مؤقتاً للصحفي أحمد منصور فيجب الانتباه إلى أنها عادت وأخلت سبيل أحمد منصور دون توجيه أي اتهام له..
احتجاز أحمد منصور ثم إطلاق سراحه بهذا السيناريو الذي حدث، لا يشكل فقط صفعة للنظام المصري بل يعادل في وزنه أكبر حملة إعلامية وحقوقية وسياسية ضد نظام السيسي تم تجريعها له بملعقة واحدة أحضرها هذا النظام وعبأها لنفسه بنفسه ..
هل كنتم تتوقعون أن تقوم ألمانيا بتسليمكم أحمد منصور أو غيره وهي ترى أمامها كل هذه المهازل التي لم تطالع مثيلها في كل تأريخ أوروبا بل حتى في تلك العصور المظلمة.
ألمانيا نفذت الاحتجاز كإجراء، مما يعني أن إجراء التسليم للسلطات المصرية كان أمراً ممكناً في حالة أن تكون السلطات المصرية المطالبة بتسليم أحمد منصور في نظر ألمانيا هي سلطات محترمة وفي دولة بها قانون يحمي حقوق الإنسان وقضاء عادل ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.