(من جحيم التسعينات)
ضؤ أخضر لاح في خاطرنا منتصف تلك السنوات الكالحة حيث حدثا سعيداً أطل علي أسرة صديقنا محمد نعيم سعد ملأ أرجاء الوسط الفني الحزين ثم تفشي الخبر.
لقد تمكن صديقنا من إمتلاك ( دش) بكسر الدال وكانت تطلق علي الطبق التلفزيوني الفضائي العملاق الذي يحمل بواسطة أربعة رجال ليعلق أعلي سطح الغرف ويتم توصيله بالتلفزيون ليتحول من البث الأرضي القاتل الي حيث العالم والسماوات المفتوحة بتنا نتحلق كل مساء حول طبق محمد نعيم الذي ينقلنا قليلاً خارج الجحيم .
حتي حلقت أعلي منزله ذات صباح طائرة هيلوكبتر تبحث في اعلي المنازل عن اولئك النوع من المواطنين الذين يهربون ليلا من اخبار البلاد الرسمية وبرامج تلفزيونها التي صنعتها حكومتهم الرشيدة وقررت فرضها جبرا علي المواطنين البؤساء التعساء.
قامت الحكومه بتسيير رهط من المروحيات يجوب سماوات العاصمة ليس حماية للمواطنيين من الأعداء انما لرصد المواطنيين الذين يسعون للتعامل مع تلك الأطباق الفضائية الكافرة المحرمة التي تريد منافسة قناة السودان الطاهرة .
حلقت بعض من تلك المروحيات أعلي منزله فرصدت ( العدو) وأبلغت جهات الإختصاص وسلطات البلد الأمنية وماهي إلا دقائق حتي كان محمد نعيم يتصل بي كمحام للحاق به حيث محبسه في مباحث المديرية بالخرطوم وهو الذي يسكن امدرمان لكن خطورة الجرم هي التي جعلتهم يحققون مع ذلك الفنان الكبير في رئاسة مباحث المديرية ويوبخونه لأيام وساعات طوال.
تلك قصة حقيقية كل أبطالها أحياء.
الان وبعد مرور عشرين عاماً هلا تأملنا تلك السنوات العجاف الخاوية من المنطق والممتلئة بالرغبة في قهر حرية الناس بأي ثمن كان بل والخوف منها
لقد أصبحت الاطباق الفضائية الان تباع في الأسواق الشعبية وحجمها صار أصغر ولا قبل لحكومة عاقلة بمحاربتها. ان قرار تجريم وتحريم الاطباق الفضائية الذي سعت الدولة لفرضه بالقانون والصرف علي تطبيقه بحزم حد إستخدام الطائرات سقط ليس عن طريق البرلمان لكنه سقط واندثر وانهزمت فيه الدولة شر هزيمة فقط لانه كان يصادم الحرية الشخصية والعدالة ومستحدثات علوم الاتصال والتكنلوجيا الحديثة فمضي غير مأسوف عليه بل ربما لا تزال نصوصه سارية دون وجود علي ارض الواقع.
هلا ايقنت الحكومة ان هنالك اشياء لا تحارب
وان كل تصرف حكومي يصادم منطق المستقبل ويصادم الحرية ويحاول التصدي للعلوم والتكنلوجيا مصيره الزوال وان صرفت عليه الدولة جهد جيش من موظفيها وسلحتهم بالطائرات،?
لماذا اذن أضاعوا وقت البلاد وجهدها واموالها لتحقيق هدف قال المستقبل انه مستحيل
ان الصيغة لا زالت تصلح لمخاطبة المستقبل ارفعو اياديكم عن الحرية والمنطق والعدل ولا تكونو كالذين ارسلو الطائرات الدينكوشوتية لمحو فضاء ليس في وسعهم اغلاقه ومصادرته وكفي بالحلاق تعلما فوق رؤس المساكين،
خاطره:
يالجحيم التسعينات الوقاد
طارق اللمين