نحن في زمن بحاجة إلى سلة مهملات نحتفظ فيها بداخلنا وليس حولنا..
سلة مخلفات في دواخلنا في ذاكرتنا..
دواخلنا تضج بمخلفات وحكايات ووجوه وأصوات وتفاصيل مشاعر وأحاسيس وأحلام
ارتكبت ذات عاطفة..
وتحولت إلى حكاية والحكاية مع مرور الوقت إلى بقايا فتات ملوث..
فأصبحنا مع مرور الوقت إلى مقابر متحركة..
نحمل في دواخلنا مجموعة من الأموات..
حكايات ميتة
وأحلام ميتة
ومشاعر ميتة
وتفاصيل ميتة
ووجوه ميتة
لكن الأموات قابعون في قبورهم آمنين.. مرتاحين..
ونحن من نتعذب بالقبور المكشوفة في أعماقنا..
فنصبح أقل حملا.. وأصعب حركة وأقل رغبة في الحياة.
ففي كل مرة ننظف ما حولنا من الأماكن..
تكون المساحات داخلنا تتسخ ونطلق على البقايا المؤلمة لقب (ذكرى) وتلك (الذكرى)
تلزم الكثير من الوقت والصحة لاستيعاب كل تلك الطقوس.. الغياب.. والفقد.. والشوق.. والاختلاف.. ومفهوم النهايات.
نمتلئ وتتراكم فينا بقايا الأحلام ومكنون القصص.. وتتحول مع الوقت إلى بقايا ملقاة في طياتنا..
وجوه كثيرة تفرضها علينا ذاكرتنا..
تغمض عينيك بقوة الألم.. وبداخلك شعور بمرارته..
وتتمنى لو أن بداخلك صندوق مهملات لتقذف بذلك الوجه بكل تفاصيله ومواقفه المخزية معك.. وتحكم غلق ذلك الصندوق..
وحتى من يحتفظون بصندوق المخلفات ويرمون فيه مخلفات أمواتهم.. تراهم من فترة وأخرى يفتحون هذه الصناديق وكأنهم يبحوث في الصناديق عن أشياء ثمينة فشلت الأيام في تعويضهم عنها.. على الرغم من مرارة شعورهم بتشريح جسد حكاية ماتت..
جميعنا في حاجة إلى تنظيف دواخلنا وأعماقنا.. فكل منا لا تخلو أعماقه من مخلفات شوهته داخليا وأعاقته عن التفكير..
علينا التوقف عن التساؤل بتردد:
أننسى أو لا ننسى؟
نبدأ من جديد أو لا نبدأ؟
بل نضع قطرات من الصبر على دواخلنا
لذكريات أحرى بنا أن نمتنع عنها..