بادئ ذي بدء دعوني أقف قليلا عند تراجيديا تكامل سلطات هذه المؤسسات، بحيث أن أحد نواب البرلمان في نسخته الجديدة التي بين أيدينا، عرف عنه الاستقامة والتجرد والتفاني في كل المواقع التى تقلدها، لم يستنكف في الاستعانة ببرلمانات الصحافة لتدارك مشروع النظافة الذي يمر بحالة تراجع كبيرة، وهو يشير إلينا لتحرير مقال عاجل عن حالة النفايات التى تسد طرقات الأحياء، فربما كان المقال العاجل في هذه الحالة، هو أمضى من الحالة المستعجلة التي تعتمدها المجالس النيابية في استدعاء الوﻻة والوزراء لتدارك أمر ما.
في الأمور الطبيعية تتكامل أدوار السلطات في خدمة المجتمع، فكما تحتاج الصحافة في بعض الأحيان الاستعانة بالمجلس التشريعي الذي بين يدي صلاحياته السلطات التشريعية والرقابية، كذلك يحتاج البرلمان إلى السلطة الرابعة في بعض الأحيان لترسيخ قيمه بصورة مباشرة، فعلي الأقل إن تحرير مقال بصورة مباشرة ﻻ يحتاج إلى وقت انتظار، غير أني، والحال هذه، أندهش جدا لبعض الصحافيين الذين يسعون إلى الترشح إلى مقاعد البرلمان، فعلى الأقل إن مقعد الصحافة يتيح لصاحبه من الفرص ما يكفي لخدمة الأوطان والمجتمعات وتلك قصة أخرى ربما نعرض لها في حينها.
* لكننا نعود لقضيتنا.. وأنتم مسؤولون من الخير، ما الذي أصاب مشروع النظافة في مقتل؟ وهو يمر الآن بأسوأ مراحل تراجعه إلى درجة مريعة جدا ربما لم يشهدها خلال تاريخه الطويل، ﻻ أتصور أن هنالك أدنى علاقة بين تراجع المشروع ورحيل الوالي الخضر عن وﻻية الأضواء والنفايات، ذلك للذين يربطون بين الحدثين، وهم يؤرخون يومئذ إلى انهيار المشروع بتاريخ رحيل الدكتور عبدالرحمن الخضر عن سدة الوﻻية، فهل لمشروع النظافة شفرة معينة حملها الرجل في جيبه وهو يرحل عن مؤسسات الوﻻية؟!! لكن يبقي مشروع نظافة العاصمة القومية حيث الحكومة الاتحادية وأضواء الإعلام محط أنظار الجميع، وهو بذلك يصبح من أعظم التحديات التي تواجه الوالي الجديد سعادة الفريق عبدالرحيم محمد حسين، لدرجة أن بعض المتعجلين يتخذونه مقياسا لنجاح الوالي، على أن لمستوى نظافة الوﻻية علاقة بهمة حكومة الخرطوم، وحكومة الخرطوم هي ذاتها لم يتغير فيها شيء، فربما يذكر الجميع أن أول تصريح لسعادة المهندس عبدالرحيم هو قوله إنه سيحتفظ بحكومة الخضر إلى حين إشعار آخر، وبهذا سيحتاج الوالي إلى وقت مقدر ليقف على مؤسسات وﻻية بحجم قطر.
غير أن حالة تكدس النفايات واحتدامها في الأسواق والمدن والأحياء سيوفر للرجل قراءة عاجلة ودقيقة وصادقة، بل وملحة جدا بحيث أن ملف النفايات لا يحتمل الانتظار طويلا وهو يتفاقم يوما بعد يوم.
* فالرأي عندي يا سعادة الفريق أن تبدأ بإعلان الحرب علي النفايات مستخدما، في سبيل نظافة الوﻻية، كل الأجهزة، كأن ينزل المعتمدون بأنفسهم إلى قارعة الأسواق والطرقات لمتابعة التنفيذ الحاسم.