هل يعاني الإنسان الأسود من خوف جيني يتملك الآخرين ويجعلهم يهابونه ويرتعبون من مرآه ويسرعون إلى أذيته وإهانته في محاولة منهم لسبقه قبل أن يؤذيهم هو؟ هل يتوهم (العنصريون أو بعضهم) أن الأسود أينما وجد وجد معه العنف والرغبة في القتل والتعطش للدماء وغزوهم لاختطاف نسائهم (الجميلات!) هل من الممكن أن تلعب الجينات المتوارثة بالفعل دورا في تغذية الكراهية ضد السود وإنماء العنف ضدهم في كل مكان بدءا من أمريكا وإلى بلاد العرب في الخليج وبلاد السين والصين في أقصى العالم؟ أهو خوف أورثته المعاملة القاسية التي مارسها جدود (العنصريين) ضد الإنسان الأسود؟ خوف وتوقع للانتقام في أي لحظة من تاريخ الاسترقاق والسلب والنهب وسبي النساء السود؟ هل يمكن أن يكون هذا أحد أسباب العنصرية المتنامية ضد السود؟
قبل ثلاثة أيام قتل شاب أمريكي أبيض تسعة من السود المسالمين وهم يؤدون صلاتهم في إحدى الكنائس الخاصة بهم. شاب لم تتعد سنه الـ 21 حمل سلاحا وتوجه إلى مكان العبادة هذا ليقتل في لحظة تسع أرواح بريئة وهو يصرخ بهستريا معلنا كراهيته للسود ورغبته في القضاء عليهم قبل أن يقضوا على عرقه ويغتصبوا نساء هذا العرق (الأبيض). حادث أسبابه عنصرية بحتة لا تنفصل عن بقية الحوادث التي بات يتعرض لها السود الأمريكيون في الآونة الأخيرة لاسيما من قوات الشرطة والأمن الأمريكية. لكن ما الذي يغذي هذا العنف بعد كل هذا السنوات منذ انتصار الثورة الثانية لتحرير السود الأمريكيين في الستينيات من القرن الماضي، ورغما عن التسامح المجتمعي الكبير (الظاهري) الذي يبدو ماثلا في تسنم الرئاسة الأمريكية رئيس أسود هو باراك أوباما؟ هل العنف ضد الأسود كامن بالفعل في جينات الخوف وتأنيب الضمير هذه؟
أوباما الذي قال عن هذا الحادث المأساوي: «حقيقة أن هذه الجريمة وقعت في كنيسة للسود يثير بالطبع تساؤلات بشأن جزء أسود من تاريخنا».
ربما كتب على السود أن يعانوا هكذا وإلى أمد طويل قادم، وفي كل مكان يحطون فيه، لا لشيء إلا فقط للون بشرتهم وأصولهم الأفريقية وتاريخ جدودهم المفترض في الاسترقاق والعذاب، وكأنما هذا التاريخ المخزي لا يكفي لـ (حبهم) واحترامهم وطلب الغفران منهم.
كئيب هذا العالم.