الدولب وطاقة المجتمع الجبارة

أخذ الوﻻة المنصرفون إلى وﻻياتهم، وصية السيد الرئيس التي تتعلق (بمعاش الناس) على صدر اهتماماتهم، فعلى الأقل طفقوا يرددون العبارة، معاش الناس، في كل احتفالات استقبالاتهم ولقاءاتهم الجماهيرية والإعلامية، على أننا بعثنا كوﻻة لنملأ الأرض قمحا وأملا وخضرة كما ملئت جدبا وقحطا وبؤسا، وأنا هنا لست بصدد التساؤل.. كيف الطريق إلى تحقيق وصية الرئيس المنتخب على أرض الواقع.. أو بصيغة أخري كما المتنبئ في سؤاله المقلق.. أطويل طريقنا أم يطول يطول؟!! فدعونا نتفاءل على أن القوم هذه المرة يمتلكون همة ورؤية وإرادة.. غير اننا هنا بصدد عمليات عصف ذهني لإنتاج حلول إسعافية، لردم الهوة التي تفصلنا عن تحقيق رسل الحكومة لقضية معاش الناس التي بعثوا لأجلها.

* فعلى الأقل يمر علينا شهر رمضان هذا العام وكثير من الأسر تجد صعوبات حقيقية في الحصول على مطلوبات هذا الشهر المعيشية، وأسوأ ما في هذه المعادلة أن الأسواق والبقالات الضخمة التي زرعت على سفوح الأحياء، تنوء بالسلع والبضائع سيما المستوردة المستحيلة على شرائح المجتمع الفقيرة، فالقوة الشرائية ضعيفة جدا بين جموع غالبية الجماهير، فليس هنالك ثمة ندرة وإنما وفرة وتضخم يضرب بسطوته على أركان الأسواق، فعلى سبيل المثال، حتى سلعة البلح التي في الغالب ننتجها محليا وﻻ غنى للصائمين عنها، أصبحت تباع في هذه الصيدليات، أعني هذه السوبرماركات بمبالغ هي فوق طاقة معظم شرائح المجتمع.

* الرأي عندي، والحال هذه، أن تتجه الحكومة عبر وزارات الشؤون الاجتماعية لتحريك طاقة المجتمع الجبارة، فبقدر ما هناك شرائح بأكملها ضعيفة هنالك في المقابل شرائح بمقدورها الإسهام بفعالية في ردم هذه الهوة.. ذلك إن أحسنا توظيف الخطاب في شهر الإنفاق، فهذه الوزارات المجتمعية الاتحادية منها والوﻻئية وعبر آلياتها ومساجدها التي تغطي كل المدن والأحياء والفرقان، يمكن أن تحرك آلة المجتمع الكبيرة والكفيلة بصناعة تكافل حقيقي يسهم في نزع فتيل الغبن الطبقي ويفضي إلى ترسيخ عدالة مجتمعية، صحيح أن هنالك أرقاما معتبرة وموثقة هي نتاج دعم الدولة ممثلة في وزارات شئون المجتمع إلى شرائح المجتمع، إلا أنها مهما تضاعفت تصبح دون حاجة المجتمع الكبيرة، على الأقل هنالك كثير من الأسر السودانية التي تتوارى حياء في عرض حاجتها، وهنالك ميزة مجتمعية أخرى، تتمثل في أن الحكومة ﻻ تعرف حاجة الناس مثلما يعرف الجار حالة جاره، ومن ثم بالإمكان قضاء حاجته دون استخدام استمارات حكومية تجرح سمعته وتخدش حياءه.

* أنا شخصيا أفهم أن من أعظم حكم شهر الصيام الإحساس بالضعفاء والفقراء، بل كما لو أن شهر رمضان بمثابة الفرصة الأمثل ليخلص الأثرياء والمقتدرون والذين يمتلكون عموما، أن يخلصوا رقابهم ويطهروا أموالهم بتحسس الفقراء والمساكين، والقصة تبدأ بأولي الأرحام ثم الجيران ثم عامة الناس، فزكاة رجل ملياري واحد يمكن أن تتدارك قرية بأكملها وحيا بحاله في المدينة و.. وليس هذا كل ما هناك.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.. رصوا صفوفكم وقوموا لنجدة فقرائكم ..

Exit mobile version